الأرض.. الأرض
يمكنكم أن تتركوا كل شيء إلا الأرض.. الأرض فقط لا يمكن الاستغناء عنها.. إذا خربتم أشياء أخرى قد لا تخسرون، ولكن إياكم أن تخربوا الأرض.. لأنكم عندئذ ستخسرون كل شيء.. الحياة(البيولوجية) التي تشمل حياة الإنسان، بل التي على رأسها حياة الإنسان، مصدرها الغذاء.. الغذاء بانواعه.. الصلب.. والسائل.. والغازي. والأرض هي وعاء هذا الغذاء، فلا تكسروا هذا الوعاء الوحيد الذي لا بديل له.. إذا خربتم الأرض الزراعية مثلا، فكأنكم كسرتم إناء طعامكم الوحيد، فلا تستطيعون دونه أكلا. وإذا خربتم الأرض الزراعية، فكأنكم كسرتم وعاء شرابكم الوحيد، الذي لا وعاء غيره لكم، فكيف تشربون..؟ الأرض هي رئتكم للتنفس فإذا خربت، فلا رئة لكم تتنفسون بها..إذا انهمرت السماء عليكم بالماء دون أرض، فلن تستفيدوا منه إطلاقا.. إذن، السماء لا قيمة لها لنا دون الأرض.. وإن وجد الأكسجين في مكان ما.. في الفضاء الكوني فلا قيمة له ما لم تكن هناك أرض! كل صراعات التاريخ التي خاضها الإنسان ضد الإنسان أو ضد الطبيعة، هي من أجل الأرض. الأرض هي محور الصراع. حتى الفضاء استخدم من أجل الأرض، الأرض أمكم حقا، هي التي ولدتكم من أحشائها، وهي التي تحتضنكم وتغذيكم وتسقيكم.. فلا تعقوا أمكم، لاتقطع شعر رأس أمك.. ولاتقطع أصابعها أو تمزق لحمها أو تجرح جسمها.. فقط قلم أظفارها، ونظف جسدها من الأوساخ والأدران.. وداوها من الأمراض.. فلا تبن أثقالا فوق صدرها.. ولاتعبد طينا أو حجرا فوق ضلوعها، ارحموا أمكم، لأنه إذا فرطتم فيها، فلن تجدوا أما بعدها .. اكنسوا ما تراكم على ظهرها من حديد وطوب وحجر.. خففوا عن كاهلها العجوز ما ألقاه العاقون فوقه.. لاحتقر المهد الذي ترعرعت فيه.. والحضن الذي احتضنك.. لاتحطم مثواك الأخير.. وملاذك. وإلا كنت من النادمين الخاسرين. الأرض تكون أرضا فقط إذا حافظنا على عطائها.. الأرض المعطاء هي الأرض المفيدة.. احرصوا على هذه الأرض.. إذا بلطنا وجه الأرض أو”زفتناه”.. أو عبدناه.. أو(ملعقناه)، نكون قد قتلنا الأرض، ولم تعد أرضا معطاء، أو مفيدة، فهي عندئذ قطران وزفت وبلاط ورخام.. وهذه المواد لا تعطى شيئا.. لأنها لا تنبت زرعا أو عشبا، أو تقطر ماء، فهي غير مفيدة للإنسان أو الحيوان.. إذن، هي أرض قد ماتت.. فلا تقتلوا الأرض، إذ تقتلون حياتكم ذاتها.. الحياة ماء وغذاء، والأرض المقتولة التي بلط وعبد وجهها، لا تمنح ماء ولا غذاء. إذن، لا حياة فوق أرض ميتة. أي نوع من البشر هؤلاء الذين يئدون الأرض ويدفنونها حية حتى الموت.. على أي أرض يعتمدون بعد ذلك في معيشتهم؟ أين سيعيشون.!!؟ أي، من أين لهم الماء والغذاء؟ الأرض وحيدة لا بديل لها.. ولاعوض عنها، فأين تذهبون؟. الجنة خلقت أشجارا، ولم تكن طرقا وأرصفة وساحات وعمارات.. وفساد الأرض هو العبث بها.. وتحويلها إلى شيء اخر غير تربة صالحة للماء والغذاء.. إذن، المحولون الأرض الزراعية إلى أرض غير صالحة للزراعة، هم المفسدون فيها. |