تحيا دولة الحقراء

تحيــا دولة الحقـراء .. !!

ما أحلى انتصار الحقراء .. وما أعظمه!! ما أجمل فجر الحقراء عندما ينبلج بدون إذن من أحد! ما أروع شمس الحقراء عندما تبهر الدنيا وهى تصعد بلا توقف!! ما أسعدكم أيها الحقراء في ضحى… انتصاركم تحت الشمس الباهرة!. ما أمتع زقزقة العصافير في فجر ذلك اليوم العظيم!! ما أحلى أغاني تلك الضحى العسجدية!! ما أبهى شمس الحقـراء الذهبية وهى تتضـرم!… ما أحلى هذا الحلم الخطير.! أن تتحقق الآمال أن تصبح الأماني حقيقة…! أن يضحى الحلم واقعا أن تكون، للحقراء دولة..! وأن تغنى لكم الحرية أغنيتها الخالدة ..! وأن تعزف الأوتار بلا قيثار وأن تترنم الأناشيد من تلقاء نفسها.! وأن تطير الدواب بأجنحة الفرح وتحلق…! تحلق فوق وجه الهواء العليل، ما أجمل ذلك اليوم ..
يوم قيامة الحقراء .. يوم ينفخ في صور البعث فإذا هم أحياء يتعانقون ويضحكون. يضحكون حتى البكاء .. بكاء الفرحة .. تسيل الدموع من مآقيهم المجروحة المتورمة من العذاب، من قلة البكاء لأنه ممنوع عليهم أن يعبروا عن مآسيهـم حتى ولو بالبكاء .. كان عليهم أن يستوعبوا الهوان تلو الهوان. وأن يتجـرعوا المرارة تـلو المرارة .. دون أن يكون لهم الحق في البكاء. ..! لذلك تراكمت الدمـوع الساخنة بغزارة وغزارة حتى بردت ثم تجمدت فتكلست؟ لذا احمرت أعينهم وتشققت .. لكن في يوم البعث المشهود لجماهير الحقراء وقيام دولتـهم الحلم تسخن العيون الجامدة .. ويجرى سريعا في عروقها الدم الذي كان ممنوعا فتسخن وتسخن وإذا بالورم هو كتلة يابسة من ماء العيون .. تلك العيون الشاردة في ذلك اليوم تنهمر ببكاء الفرح كمطر الشتاء. اغسلوا وجوهكم الحالكة المرهقة بالماء الغالي بماء العيون .. بالدموع الربانية المقدسة. ما أطهر هذا الماء!! ما أقدس هـذا السائل!! ما أسخنه! ما أحره! اركضوا أيها الحقراء إذا قامت دولتكم، اقفزوا… العبوا بالحبال… اقطفوا الورد .. واسبحوا في الهواء الطلق، طيروا بأجنحة الفرح، استحموا بعرقكم الذي يتصبب من أجسامكم من فرط فرحتكم ونشاطكم غير المعهود .. اكتشفوا رشاقة أجسامـكم .. انظروا لبعضكم بعضا، كم هي جميلة..!كم هي رشيقة تلك الأجساد الملونة بالعذاب..! كم ثمينة تلك الأسمال الممزقة والمرتقة…! من يملكها غيركم .. من يرتديها دون أن ينظر إليها غيركم .. ما أزكى تلك الرائحة التي تفوح من تلك الأسمال المشرطة .. كم هي منعشة رائحة أجساد الحقراء التي تنبعث من أجسـاد غير متخمة…! أجساد بلا أمعاء أجساد ملائكية تشرب الماء الطبيعي من الوديان والغدران. وتتقوت بالهواء في العراء مباشرة وليس عبر أي تكييف أو تزييف .. أجساد لا تأكل السحت .. ولا تشرب الغسلين. فلتعبق تلك الروائح الزكية السماء الدنيا فهي بلسم جراحات طبقة الأوزون التي شرختها روائح السلاطين الأقوياء .. وقوارير الأغنـياء الأثريـاء .. غنوا أيها الحقراء إذا قامت دولتكم .. ارفــعوا أصواتكم المكبوتة ..سرحوا حناجركم المبحوحة .. حلوا ألسنتكم المعقودة .. افتحوا رؤوسكم المقفلة .. ترنموا بأناشيد النصر المبين .. ارفعوا أعلامكم خفاقة في السماء .. ولا تنسوا أن ترتقوها قبل رفعها لأنها مثقوبة .. ولا تنسوا أن تلونوها لأنها بلا لون .. أنتم أحرار، اختاروا ما تشاؤون من ألوان الطيف لان أردتم امزجوا ما شئتم من الألوان .. اكتبوا عليها ما تريدون من شعارات أنتم أهل لها، كم تكون السماء جميلة يوم تخفق فيها أعلام
الحقراء .. كم يمتد الأفق بلا تخوم أمام دولة الحقراء…! كل الدنيا تتحول يومئذ إلى أذن صاغية عندما تتنامى إليها أصداء ذلك المهرجان العظيم .. كل الدنيا تشرئب أعناقها وهى تتوق نحو مصدر ذلك الصوت الموسيقى الرنان .. الطيور كلها تشارككم الفرحة حتى البوم والغربان تفرح بانتصار الحقراء .. كل المخلوقات البريئة المسكينة .. كل المخلوقات اللاجئة تبتهج .. وتمرح لانتصار الحقـراء، الطبيعة تشارك… تضحك تحتضن تتحمل بسرور كل شـطحاتكم في ذلك اليوم .. كل رقصاتكم .. كل ولولاتكم .. كل زغاريدكم .. كم هو بهيج ذلك الموكب الإلهي..! يا للهالة الرائعة لهودج عرسكم أيها الحقراء…! وهو يتهادى على ظهر جمل القدر العظيم ينير الأفق البعيد.! ينهزم أمامه الظلام .. ينقشع من وهجه الغمام .. تتجلى الشـمس ساطعة بعد أن يدبر ليلكم البهيم. يصفو الهواء .. تسمح الشمس بكل رضى للنجوم البعيدة أن تقترب بلا خوف .. وأن تتلألأ بالياقوت والمرجان، وتدنو من السماء الدنيا بلا تحفظ لتزيد الشمس انبهارا .. وتزيد العرس أضواء .. وتضيف بسخاء ألوانا جديدة غير معهودة لألوان الطيف .. فيصبح لأول مرة في السماء عدة أطياف، وتتضاعف الألوان سبعا.. وسبعات دون خبل .. يفرح كل شيء ويفرغ جعبته حبورا دون ملل، كيف لا، وهـو يـوم انتصار الحقراء .. وأن تكون لهم دولة مع الشمس وفوق الأرض .. الملائكة المـسومة ترتدف صفوفا صفوفا بلا نظام .. تبارك اليوم المجيد .. الثقلان يباركان .. تصمت البحار تحية للحقراء .. تضطرب الأمواج تصفيقا للحقراء .. تسكن الرياح إفساحا لموكب انتصار الحقراء تهب الزوابع رقصا للحقراء .. يزمجر الرعد تسبيحا للإله الذي نصر الحقراء .. يجرد البرق سيفه من غمده تحية للحقراء .. تتدلى الشموس من عليائها بالملايين لتشعل بنارها الباردة ملايين وملايين الشموع .. شموع انتصار الحقراء فتتحول الأرض كلها إلى قمر يتسق بملايين القناديل في مشكاتها الزيتية المباركة وليس لها انطفاء. لا أريدكـم أن تكونوا سلاطين أيها الحقراء، لأن ذلك يسئ إليكم، ويصمكم بوصمة العملاء .. ولا أريد لكم أن تكونوا أثرياء فإن ذلك يلحق بكم الضرر ويصيبكم بداء الأغنياء الذي ليس له دواء … ولا أريدكم أن تكونوا شيوخا وفقهاء لأن ذلك يصمكم بوصمة دجل الجهلاء .. أنتم لن تتجبروا فلغيركم الخيلاء .. وأنتم لن تتكبروا فللشياطين الكبرياء .. ليس لدولة الحقراء حـدود فهي ليست كغيرهـا من الدول .. فالحدود قيود .. وليس للحقراء قيود .. وللحدود مشاكل وتهاريب ولا يليق بالحقـراء مشاكسة الغير .. وعلى الحدود حروب وهروب. والحقراء لا يحاربون ولا يهربون .. فلن يكون لكم خميس ولا تسديس فالمسدسات والغدارات للقتلة والغدارين والجند الفاتحين المعتدين .. والحقراء لا يعتدون .. إنهم مسالمون طيبون .. لا يحتاجون إلى شرطة وحراس.. ولا إلى رواصد وأجراس، تلك أدوات المرتابين .. ووسائل المتهيمنين .. فالحقراء لهم كوامن رائعة ونفيسة بيد أنها حبيسة. فرغائبهم نعيمية فردوسية إذا أتيح لها الانتشار لتضوع الكون عطرا ومسكا .. إن نيات الحقراء شفاء من كل داء .. فلا عدوان في دولة الحقراء، هذه الروح الشريرة خالية منها أجسادهم الطاهرة .. لا حسد ولا غل ولا طمع ولا جشع فلا حاجة لهم بالشرطة والجند منهم الأمان والسكينة والاطمئنان .. أنتم طاهرون فلا يمسكم عالم الدنس والأرجاس .. وأنتم مجردون من اللبس والأدناس .. أنتم طهارة الخلق والناس .. أيها الحقراء لكم المجد والبقاء، البقاء للأصلح والأجمل والأنفع .. وأنتم أصلح من أي صالح من الآخرين .. وأنتم أجمل من الجمال، لأنكم ملايين وملايين والجمال وحيد وحزين .. وأنتم أنفع ولستم بالنفعيين، فلا تهتموا بما يمترون فان كيدهم في تضليل .. ولا تقفوا عليهم فمروا على لغوهم كراما مبتسمين .. إذا ورثتم الأرض أيها الحقراء فلن تكون كهذه لأنها الآن أرض المترفين والمتحكمين والدجالين والمنافقين والكذابين، أرض الفساد التي لا تليق إلا بالمفسدين ..
وهذا هو السر الحقيقي لاحتقاركم فيها لأنكم لستم منها فأنتم لستم أغنياء ولهذا احتقروكم .. وأنتم لستم حكاما ولهذا احتقروكم .. وأنتم لستم دجالين ولهذا احتقروكم .. وأنتم لستم منافقين كذابين لهذا احتقروكم. إن الأرض الفاسدة لا تقام فوقها إلا دولة الفاسدين.والذي هو مثلكم لا مكانة له فيها .. لا لغـة مـشتركة له مع أهلها، مثلـكم يرى مالا يرون .. ويمشى نحو مالا يمشون .. ويتكلم مالا يتكلمون .. أكل مالا يأكلون ويشرب مالا يشربون .. ويلبس مالا يلبسون وينام فيما لا ينامون .. ويحلم مالا يحلمون، لهذا سمـوكم الحقراء .. لأنكم فقراء .. لأنكم مساكين وسذج وبلهاء .. لأنكم لا تجيدون الرقص المؤجر و التمثيل والرياء، ولأنهم أجبروكم- لكي تبقوا على قيد الحياة- على أن ترقصوا بلا حياء .. وأن تغنوا كالببغاء .. وأن تمثلوا دور الشياطين في ثياب الأتقياء من هو فاعل الحقارة هو الذي يحقر غيره من أمثالكم .. فاعل الحقارة هو الذي نظـر إليكم باحتقار .. فاعل الحقارة هو الذي تكلم عنكم باحتقار .. الحقارة خلعت عليكم من القائمين بها .. الحقارة حجر قذفوكم به .. سهم رموكم به، وزر حملوكم إياه .. ثوب ألبسكموه من يحمل هذه الأشياء .. من يحمل حجر الحقارة، وسهم الحقارة، ووزر الحقارة، وثوب الحقارة .. الحامل لها هو المثقل بالحقارة، أما أنتم فما ذنبكم إذا قذفكم من يحمل الحقارة بحجر منها .. ورماكم من يحمل الحقارة بسهم منها، وحملكم من يحمل أوزار الحقارة بوزر منها .. وألبسكم من عليه أثواب الحقارة بثوب منها .. أنتم أبرياء أنتم مفعـول به .. ومفعول فيه .. ومفعول عليه .. وأنتم مضاف إليه .. مكسورون ولا دخل لكم في الكسر .. المسؤول عن ذلك المضاف الذي حتم كسـركم لأنكم مضاف إليه .. والمضاف إليه لابد من أن يكون مكسورا ولوفي محل كسر .. وأنتم مجرورون .. لأنكم أيضا مضاف إليه والمضاف إليه لابد! من أن يكـون مجرورا لا جاراً .. فالمسئول الجار وليس المجرور .. فأنتم من وقع عليه فعل الفاعل .. والمسئول الفاعل وليس المفعول به .. أنتم فريسة لأفعال متعدية، رمى .. وألبس وأعطى وحمل .. أنتم ضحية التطاول والتعدى من قبل فاعلين بأفعال متعدية تصلكم وتصل ما وراءكم.
فالحقراء الحقيقيون هم أولئك الفاعلون للحقارة الحاملون لحجرها وسهامها .. وأثوابها .. ووزرها. لن تكونوا مثلهم إطلاقا أيها الحقراء .. لن تحتقروا غيركم بكل تأكيد، لأن تجربتكم مريرة وشاقة ومؤلمة وغنية بالدروس والعظة .. فلن تسقطوا مأساتكم على أحد .. لن تعذبوا ضميركم .. لن تقهروا غيركم، لأنكم أنتم ضحية قهر الآخرين لكم .. لن تتلذذوا بممارسة تحقير الآخرين لأنكم تجرعتم علقم التحقير الذي مورس ضدكم .. وأنتم أيها الحقراء الأعزاء تعلمون أكثر من أي آخر أن صفات الدلالة اللفظية خارجية وليست داخلية.. واردة وليست صادرة موضوعية وليست ذاتية .. أنتم أيها الحقراء معلمون .. ومفسرون وثقات .. أنتم الحكماء وأرباب التجربة التاريخية العظيمة فتعلمون أن الذين وصموكم بالحقارة هم الذين وصفوا الماء بأنه أزرق وتلك جهالة حقيقية دعت إلى الضحك .. والجهالة كما تعلمون أيضا هي التي دعته بالحلو .. أو المالح أو المر .. وأنتم تفهمون أن ليس للماء في ذاته طعم ولا لون.. فالماء برئ من تلك النعوت والصفات مثلما أنتم أبرياء من وصف الآخرين لكم بأنكم حقراء! لهذا يكون اليوم عظيما وخالدا يوم تقوم لكم دولة لأنه يوم، إحقاق الحق .. وإبطال الباطل .. يوم تتجرد الحقائق من الأغلفة .. يوم تتعرى جواهر الذوات .. تبين الأجسام من غير أردية موشاة لتتجلى المساواة الطبيعية بدون تدخلات وتكييفات .. يوم تسقط كافة التبريرات المزيفة التي كانت لمصلحة حجتهم ضدكم بأنكم حقا حقراء .. يوم لن تكونوا محتاجين إلى مجاراة وضعية الاستلاب .. والرضوخ لها بحكم سيطرة الواقع المادي على حياتكم .. والذي أجبركم على قبول موقع الحقارة .. والاجتهاد القاسي لاستيعاب متطلبات التحقير الفظة.. عندما كنتم مضطرين إلى تصديق الترهات وعندما كنتم تنقادون بلا تبرم وتشعرون محتقريكم بالرضى وسهولة الانقياد ليصل بكم سريعا إلى الحضيض، لأنكم تحسون بفطرتكم الإلهية التي هي الجوهر الذاتي الذي لا يمس، بأنهم يسوقونكم إليه وهو مبتغاهم ولهذا شجعتم محتقريكم بكل ذكاء على أنكم تحبون الانحطاط فتمادوا في دفعكم بلا تريث نحوه .. كنتم تبحثون عن حل عاجل لحالكم المزرى .. وترون في التسليم لمحتقريكم بلا أدنى تردد حلا على أي حال .. وتبالغون في ربط مصيركم بهم باعتباركم إحدى التوابع المكملة لحياتهم .. وإحدى الصور المزينة لها .. وإحدى الرذائل المترتبة على تصرفاتهم .. وأحد الذنوب الناجمة عن سلوكهم .. وأحد الردفاء لأحمالهم وكنتم ترتضون التحقير لأن مقاومته ليست من الأمور التي تسهل حياتكم معهم

الموت للعاجزين .. حتى الثورة

أيها العاجزون المساكين ما أبعدكم عن الحقيقة المرة.! يحسدونكم أيها العاجزون .. لأنكم تسلكون أبسط الطرق في الحياة ولا تكلفون أنفسكم أية مشقة .. ولستم في حاجة إلى تأويل أي شيء من أموركم .. ولا إلى تفسيره .. كل شيء واضح في حياتكم أيها العاجزون .. لا غموض .. ولا إبهام تتجنبون مسئولية التفكير وما يترتب عليه من تدبير .. ولا تحيدون عن طريقتكم المعتادة وتصرفاتكم المحدودة .. وتتنازلون بسهولة عن أي مهمة فيها صعوبة.. ترحمون أجسادكم وتريحون ضمائركم .. وتخدعون أنفسكم بأساليب مريحة للغاية ..
وتستخفون بأي مناكفة تتعلق بما تفعلون وتؤمنون .. وموقفـكم أيها العاجزون ثابت لا تبدل من حيث الاتجاه .. فهو يتعاطى سلبا مع أي وقفة غير معهودة .. فلا تتقبلون المناقشة فيما تؤمنون؟ تلك نعمة يحسدكم عليها الحاسدون المتعبون العارفون لحقيقة ما تفعلون. والعجيب حقا في حياتكم هو أنكم تفشلون فيما تقدمون عليه ولا تتعظون.. ليس للتجارب أي تأثير في حياتكم .. مهما فشلت أعمالكم .. فلا تغيروها.. ومهما كذبت معتقداتكم فلا تقبلوا إثبات ذلك.. ولكم ميزة في عدم الاعتراف بالحقائق مهما كانت دامغة. ومن الثابت أنكم ترفضون النتائج التي لا تتفق وميولكم .. فاتكالياتكم مسلمات غير مبرهن عليها طبعا. وكل الحقائق والأكاذيب أيضا تكيفونها حسب تلك المسلم بها مسبقا من لدنكم. فعندكم اعتقاد مسبق على سبيل المثال بأن ثمة سحرة وأرواحا شريرة تسرق القمر، وقد تتمادى وتصل إلى الشمس وتلك جسارة خطرة من طرف تلك الغيبيات .. إ ذا أجريت أمامكم تجارب على. أن ظل الأرض هو الذي يقع أحيانا على القمر فيظلم منها أو ظل القمر يقع على الشمس فيكسفها لا تصدقون ذلك .. لأن هذا غير مرغوب منكم. فأنتم أيها العاجزون مسالمون جدا لن يتغير على أيديكم أي شيء، فحياتكم هادئة رتيبة اتكالية حتى النهاية، وتسلكون أيسر السبل حتى ولو أدت إلى الهلاك .. ودنياكم التي يخيم عليها العجز كئيبة رتيبة المعاش ولكنكم قادرون برغم عدم قدرتكم على تكييفها بما يتفق وعجزكم عن تغييرها .. وتسقطون الدروس الصعبة من الماضي .. وتأخذون السهل السطحي الذي لا يحتاج إلى جهد .. وتتبنون خرافات الماضي وتتعمدون إ بعاد غيرها مادامت لا تنسجم مع وتيرة حياتكم السهلة الاتكالية حتى لان كانت حقائق .. فأنتم أيها العاجزون لا تبحثون عن الحقيقة هذا ليس همكم بل تلجؤون إلى ما يناسب حالة العجز فحسب.أنتم أيها العاجزون شجعتم باعة اللاشىء حتى نصبوا أسواقا وأقاموا مقابر يبيعون فيها الهواء المعلب الذي عندما تفتحون علبته يطير الهواء في الهواء، وتفسرون ذلك بأنه لهذا الغرض بيع و ابتيع .. وشجعتم باعة التراب المطبوخ .. وناقشى الرمل وضاربى الودع وكاتبى التمائم ونافخى النار للكى والدف والزار. أيها العاجزون الطالبون النجدة من الموتى عندما يعجز الأحياء منكم عن النجدة .. أنتم الذين تحققون أمانيكم أثناء النوم على صورة أضغاث أحلام عندما تعجزون عن تحقيقها في اليقظة، وعندما تفشلون في حياتكم تؤجلون النجاح إلى ما بعد مماتكم .. وإذا غلبتم على أمركم بفعل فاعل ولعجزكم فسرتم ذلك بأنه ليس من فعل فاعل حتى لا تحملوا أنفسكم مشقة مقاومته .. وإذا قصرتم في حق أنفسكم من لدنكم فسرتم هذا بأنه خارج عن إرادتكم، إنه بسبب فاعل خارجي حتى تحملوا المسئولية لذاك الفاعل الملعون .. وإذا فشلتم لسبب لا تريدونه خارجيا ولا ذاتيا قلتم إنه الحظ.وبرغم أن دنيا العاجزين لا معنى لها ولا فاعلية .. وهى باطلة وتافهة .. ودونية. وبرغم أن العاجزين لا تأثير إيجابي لهم في الحياة .. ولا يقدمون ولا يؤخرون وأنهم اتكاليون طفيليون وغير مسئولين ولا جدية في دنياهم فهي هزيلة قشية .. وفارغة وسطحية، والعاجز مخلوق تبريرى ومعذرى وهين والعاجزون لا يخلقون شيئا ولا يغيرون ومع هذا فإن دنيا العاجزين أغنى الدنى وأخصبها وأملؤها وأعمقها أدبيا. فدنيا العاجزين لها الفضل وليس لغيرها في تكوين تراكمات معنوية في الأدب والأسطورة والميثالوجيا والميتافيزيقا خاصة، فلولاها لكان العالم ماديا جافا حسابيا .. ضاربا في مضروب وطارحا من مطروح وقاسما تحت مقسوم وجامعا على مجموع وهندسيا مقعرا ومحدبا وحادا وحرجا ومعكوسا ودائريا ومتقابلا ومتوازيا غير متلاق أبدا .. لولا دنيا العاجزين لكان العالم ضاربا أخماسا في أسداس ومتصلا متكهربا ومشدودا متوترا، لولا العاجزون لكانت حياة البشر عبارة عن نشاط هادى، مسجونة بين الثبات والميكانيكا كشيء محترم وقهرى لا مفر من جحيمه ولكان قاموس العالم مفردات فلزية حبيسة المصطلحات المادية من الذرات والذبذبات والتأيونات والطرد والجذب والتوازن والانعدام لكن الجميل كل الجميل للعاجزين الذين أغرقوا الحياة في بحر من الأسطورة ورسموا الصور غير المرئية لما يشاؤون، وفسروا عالم القهر والمادة والتقدم بما يحلو لهم غير آبهين ولا مستحين من العالم التجريبي الفظيع .. لقد زودوا العالم بقاموسهم العجيب الملىء بالمفرادت الهلامية وفتحوا له آفاقا لا تخوم لها .. وأبدعوا في الخيال وسموا به حتى ارتادوا اللامنتهى حيث الإعجاز المنطقي والا إرادي .. ثم يقومون بعملية نكوص ارتدادية إلى الماضي السحيق غير المدون وغير المعلوم ولا المفهوم فيبعثونه بعثا أخاذا يفسرون به الوجود اليقينى تفسيرا أسطوريا يجد له دلالات واهية في المعطيات المادية لهذا الوجود. ومن هذه النقطة الحرجة ينجح العاجزون في تفجير ثورة جدلية بلا جدوى .. فتسود نظرية الخرافة ويهرب المنطق من الحلبة .. وبصير العلم سفيها ومقزما .. أمام الهالة الزخرفية الشائقة والقزحية يجد كل شئ تفسيرا له في المجازات العجزية التي ليست جادة وبالتالي ليست مكترثة بالدفوعات العلمية .. وهكذا تستولي روح العاجزين على أفئدة الدهماء فيحيدون عن مواقع النصب والمغالبة والجد إلى مواقع التسليم السهل بمنطق العاجزين الذي لا يعترف بقانون الذاتية .. ومن هنا تجد الهزائم مبررها في ثقـافة العاجزيـن، وتجد النكسـات تفسيرها في الحظ، ويجد التقصير مبرره في اللاإرادية .. وللانحطاط أسبابه الضرورية ويصبح المسئول غير موجود فهو مفهوم بلا ما صدق (كما يقول علم التفسير وتكون الماورائية السالفة أو المستقبلية مخزنا لا ينفد من التبعات التي ترمى للتملص من المساءلة. وتجلس دنيا العاجزين القرفصاء على هشيم حياة الوهم، قانونها التنصل والإسقاط والرضوخ لكل ألوان الاستلاب .. والتخلص من أعباء الحيثية المعنوية والجاهزية لاستيعاب الامتهان وتبريره والقابلية للتنكر التراثى والمستقبلى هروبا من المواجهة .. وينحاز العاجزون دائما إلى مصدر عجزهم فيتسامحون مع لاطمى خدودهم وقفيهم، ويخلقون مصوغة مرضية مرضيا لذلك .. ويدينون الفرص والظروف والحظوظ والغيب والأجداد ولا تخلو صحائفهم يوميا من الخطوط المتقاطعة ومربعات البروج وقوائم اليانصيب .. وترهف حاسة التطير وتتوطن محاولات التبرير وإجلاء الغموض .. وقهر القلق، وخلق التوازن الكاذب باطلاع الفال وتصديق برج الميلاد وضرب الودع والتاقزة والشابرة، وتفسير الأحلام والتوسل بالطواطم والأوثان والسلف، والتعويض بالغلو في اضطهاد المساكين من قبل العاجزين، فيهمل عالم الطفولة والأمومة، ويقهر إسقاطا تلقائيا كبحث عن التوازن المنهار .. ويصبح للهو معنى للانصراف والتغييب غير الممل، وتتسطح العمليات الثقافية وتحل رواية وتبادل (النكت) محل الإبداع والنقد الأدبى.. ويكون اللهو قضية تحل محل القضية الحقيقية، ويصطف اللهو مع العبث مع الحاجات غير اللازمة إلى جانب العقم والاتكال والتنافر الاجتماعي، والانهيار الخلقي والغلو في الأخلاق .. كلها أمراض العاجزين تجد تفسيرها في حالة العجز التي يعيشونها. الثورة:- عندما يصل توغل شعور العجز إلى كل جزء من حياة العاجزين .. ويفقد العاجزون الشعور بالعجز وبكل ما يترتب عليه من انحطاط .. وعندما يصبح التبخيس والهوان والنذالة أمورا غير مستفزة تكون حياة العاجزين قد وصلت درجة الصفر التي هي مستوى الاستقرار في التفاهة والهامشية، عندها يبدأ العد التصاعدي في تراكم الدونية .. ويبدأ الشعور بتراكمها .. ولم يعد أمام العاجزين للثورة على أنفسهم إلا إتاحة فرص المقارنة مع الغير النقيض .. إما بتحريض محرض أو بالمشاهدة .. وتكون الفرصة جيدة إذا وجد التحريض مع المشاهدة .. وتكون جيدة للغاية إذا طرأ على مصدر العجز خلل يشجع على التجاسر، وإذا تتابعت ثغرات الخلل وتم استثمارها وتضخيمها بالدعاية والتحريض فإن الروح المعنوية الميتة لدى العاجزين تدب فيها الحياة. وأول ما تتجه الثورة في هذه الحالة إلى الذات .. ويبدأ العاجز في تعنيف نفسه ويشتد في امتهانها وإهانتها حتى تصبح هي الضحية الجاهزة للفداء .. ويبدأ في تقديم الأنفس التي تمكن العاجزون من ترخيصها قرابين على مذبحة العجز .. وهذا تفسير عمليات الانتحار التي يكثر وقوعها في دنيا العاجزين لأتفه الأسباب وأبسطها .. ويدخل العاجزون في مرحلة التيه بحلقات من الأعمال الفردية غير متصلة ولا غائية . وعادة تصطحب هذه الحالة التدميرية للذات مع بوادر سادية ضد الغير فتجد الفداء من أجل بقرة .. والانتحار من كلمة .. والقتل من أجل شجرة والطلاق من أجل وجبة .. وتشتد الحاجة الوهمية من أجل ترسيم الحدود بين العاجزين على كل المستويات من أوتاد الخيام إلى ماء البئر .. إلى مساحة لعب الأطفال إلى المرور والالتفات ودرجة الصوت ووقع الأقدام، ويحاكى كل عاجز مصدر عجزه حيال العاجزين الآخرين فيمارس كل ألوان التتفيه والعدوانية ضدهم ليخدع نفسه بأنه ليس مثلهم .. ويكون هذا ديدان حياة العاجزين على أي مستوى سواء أكانوا أفرادا أم جماعات أم دولا .. وقد تستمر حياة العاجزين في هذه الحالة دائما مادام الظرف موجودا .. ولكن إذا قيض للعاجزين عامل يساعد على الخلاص فيمكن تحريك وضعهم من الحلقة المفرغة إلى السير في خط ذي اتجاه غير دوراني، ويمكن أن يتحول أسلوب العاجزين المخزي إلى ثورة عارمة ضد مصدر العجز، وتكون عارمة لأن سبب العجز يعيش هو أيضا في حالة الشعور بالكراهية المزمنة والمبررة مزاجيا ضد العاجزين .. وليس في حالة نفسية تجعله يستوعب ردة الفعل بل تكون مفاجأة له ومستفزة .. ولذا تكون المواجهة غاضبة للغاية وغير مسئولة من الطرفين .. وهكذا تندلع الثورة. فالموت للعاجزين حتى الثورة.

هل حقاً ماتت الشيوعية؟

العلم الأحمر الذي أنزل بسهولة بيد جندي واحد من حراس الكرملين- هذا العلم سقطت من أجله الآلاف المؤلفة من الشهداء في معارك حامية بالرصاص، ومعارك باردة بالتعذيب والتجويع والتنكيل في غياهب السجون والزنزانات الانفرادية في جميع أنحاء العالم .. وتم صبغه باللون الأحمر بدم عشرة ملايين من الروس. وناضل تحته ومن أجل أن يرفع على الكرة الأرضية كلها الملايين من الشعوب التي أعلنت أنها شيوعية. كيف حدث هذا ويا ترى هذه آخر المذهلات أم أولها؟ فهل سنشاهد زلازل تاريخية أخرى تهدم البديهيات والمسلمات؟ على سبيل المثال هل سنشاهد المسيحية وانهيارها بعد أن تفطن الناس ويتأكد لهم أنهم خدعوا عندما قيل لهم إن المسيح صلب نفسه ليغفر ذنوب تابعيه مهما فعلوا، واستنادا إلى هذا قتلت الدول المسيحية الملايين من شعوب العالم اعتمادا على أن المسيح غفر ذلك مقدما. قد تفطن الناس في العالم المسيحي وتعرف أن كون المسيح صلب نفسه من أجلهم فهو أكذوبة تاريخية. وتنفض الناس عن المسيحية بل وتزحف على الكنائس لتهدمها، وتكسر الصلبان وتسحل القساوسة والرهبان، ويعلن أن عيسى ما هو إلا نبي إسرائيلي أرسل لبنى إسرائيل لتصحيح شريعة موسى لا أكثر ولا أقل .. ولأن اليهود رفضوا أي مساس بشريعتهم التي تعودوا عليها ناصبوا عيسى العداء .. ثم طاردوه وصلبوه إن لم يكن قد شبه لهم. أو أن الله توفاه ورفعه إليه (أنى متوفيك ورافعك إلى).وهل سنشاهد أمريكا وهى توسط الليبيين بما لديهم من علاقة روحية وتأثير أدبي على أخوتهم الإيرانيين لأن يقوم الإيرانيون بالتوسط لدى اخوتهم الألمان لكونهم من جنس واحد وهو الجنس الآرى بأن ينظر الألمان بعين العطف إلى الأمريكيين المساكين، ويغفروا لهم خطاهم التاريخي الشهير الذي ارتكبوه في حق الألمان في الحرب العالمية الثانية على الأقل، وأن أمريكا على استعداد إذا قبلت ألمانيا توبتها لأن تعتذر على إنزال ا لنورمندى وإنزال ايزنهاور على شمال أفريقيا وأن يعتبروه كأنه لم يكن، وأن أمريكا كانت مخطئة ومذنبة في حق الألمان وتلك غلطة تاريخية ارتكبها روزفلت، وقد تبعث أمريكا وفدا من السود ووفدا من الهنود الحمر لأنها تعرف مدى عطف الليبيين عليهم أيام الغرور الإمبريالي الغابر على ليبيا. ولكي تدغدغ أمريكا عواطف الليبيين ويساعدوها قالت للوفد: إن أمريكا تطلب أكبر كمية من الكتاب الأخضر ومن القرآن إذا أمكن باللغة الإنجليزية. ونرى كيف يفرض الرايخ الرابع شروطه على أمريكا وعلى بريطانيا، وأول شرط تدمير أسلحتهم تحت إشراف ألماني .. وتعويض ألمانيا تعويضا باهظا يجعلها على حافة الإفلاس، وإقامة لجنة ألمانية في أمريكا والأخرى في بريطانيا بصورة دائمة للإشراف على تأكيد المهمة.ونرى فرنسا تتمتع باستقلال صوري في ظل الرايخ الرابع، وأن تنقل حقيبة الشفرة النووية الفرنسية إلى برلين، إلا أن ألمانيا ترفض الوساطات وتفرض إتاوات جائرة على أمريكا وبريطانيا تعويضا لما فعلوه في الشعب الألماني. وتصبح الاشتراكية الوطنية هي المذهب السائد من بولندا إلى فرنسا. ونرى الإسرائيليين يعلنون قبولهم بأي حل ودي يرضاه العرب، وأول الحلول قبولهم بالتوزع في البلاد العربية كأهل ذمة، يجعلون خبرتهم في خدمة العرب لأن ذلك سيكون أفضل مليون مرة من البقاء في فلسطين كدولة يهودية على مرمى نظر الرايخ الرابع المخيف، وبدون أمريكا، وسيطلبون من ليبيا القيام بواجبها الأممي والمساعدة على تطبيق هذا الحل، لأن ليبيا إذا قبلت به لن يكون هناك من يزايد عليها.ذلك يحصل حتما لأن معطياته متوفرة ونتائجه حتمية، لقد أكد العلماء الأمريكيون أنفسهم أن أمريكا ستتصحر من جهة وتتجلد من جهة أخرى، وثبت أن بداية انهيار الاتحاد السوفييتي العظيم هي بسبب العوامل الطبيعية، وقد بدأت الطبيعة تفعل فعلها في أمريكا أيضا. كما أن الأجناس المكونة لأمريكا ستتقاتل مع بعضها بعضا كما يحدث في لبنان، وثبت أيضا أن صراع القوميات (العامل الاجتماعي) سبب آخر من أسباب نهاية الاتحاد السوفييتي، أما رأس المال فسوف يهرب إلى بقاع العالم الأربع ويهجو أمريكا دون شك، ولكن لنا عودة لمفتاح المذهلات، كيف تورط العالم في الماركسية اللينينية.؟ لخص ماركس تاريخ البشرية كالأتي: شيوعية بدائية هي الأصل وهذا صحيح- ثم انقسم الإنسـان إلى جماعات .. جماعات .. وكونت كل مجموعة تشاركية اجتماعية ذات ملكية مشاعة للأرض وما عليها بما فيها الزواج، الأمر الذي كون الأجناس البشرية ذات الدم الواحد وهذا تاريخيا صحيح أيضا، ثم استقل أفراد الجماعة بملكيتهم الخاصة وكون المتفوقون ملكية خاصة بهم استلزمت عبيدا من الضعفاء والمتخلفين وغير المحظوظين، وتكون مجتمع الرقيق الذى تحول بجهدهم الى مجتمع الإقطاع، ثم قامت المدن وحلت البرجعاجية محل الإقطاع .. ثم تطورت المدن إلى الرأسمالية وانقسم المجتمع إلى عمال وأرباب عمل. وقال بضرورة تحريض العمال على الثورة ليستولوا على الملكية. وقامت ثورة في روسيا القيصرية وسميت بالاتحاد السوفييتي. وقال استالين: لحماية الثورة لابد من أجهزة قمع سميت بالمخابرات، والأمن الخارجي، والأمن القومي، والبوليس السري والخدمة السرية، وأمن الثورة والمحاكم الثورية .. والمحاكم الاستثنائية والمحاكم العسكرية والسجن السياسي، هذا في الجانب الأمني، أما الجانب الاقتصادي فقال بالمصادرة والتأميم والحراسة ثم الملكية العامة ملكية الدولة .. والملكية الجماعية، وأخيرا الملكية التعاونية، ثم ألغى عقائديا قانون العرض والطلب .. وألغيت المنافسة وظهرت التسعيرة الجبرية والسلع المدعومة، وتم تأسيس الحزب الشيوعي ليقود الدولة الاشتراكية إلى الشيوعية. وتولى قيادة الحزب في الاتحاد السوفييتي مجمـوعة عمالقة من لينين المؤسس إلى استالين ؟ الرجل الحديدي إلى خررتشوف وبريجنيف.. ثم. جورباتشوف الذي سلم بالأمس العلم الأحمر إلى جندي ليطويه ربما.. ربما إلى الأبد.لم يحصل هذا في الاتحاد السوفييتي فقط بل انتشر في كل العالم تقريبا حتى تكون في أمريكا نفسها وبريطانيا أيضا حزب شيوعي .. وقامت دول شيوعية في النصف الغربي من الكرة الأرضية.وأصبحت موضة تقليعة كل ثورة أو انقلاب حتى ولو كان ضد الاشتراكية لكنه يستفيد بطرازها من حزب حديدي وبوليس سرى، وسجن سياسي، ومحاكم استثنائية ومصادرة للحريات، وأجهزة أمنية خارجية وداخلية .. قومية ووطنية حتى أمريكا تأثرت بذلك، وطورت وكالة المخابرات المركزية، وأظهرتها خارج حدودها وارتكبت فظائع أشنع من فظائع لجنة الأمن الخارجي السوفيتية التي أصبحت فيما بعد كى جى بى، وأصبح التنافس على أشده بين سى أي ايه والكى جى بى .. انقلابات .. اغتيالات .. تزوير عمله .. تزوير جوازات وهويات .. شراء العملاء من أتفه إنسان إلى رئيس أي دولة، ونكاية بالمانيا أقيمت لليهودة دولة في فلسطين بغض النظر عن مستقبلها وخطورتها على اليهود أنفسهم، وأثرها على السلم العالمي. هل بعد انهيار الكرملين ستنهار في العالم كل مؤثرا ته من دولة اليهود إلى الحزب إلى السجن السياسي وأجهزة القمع ومصادرة الأملاك وتأميمها والحراسة عليها. والسى أي ايه أو نظرية الأمن القومي والأمن الخارجي .. الخ.لاشك أبدا أن العالم القديم ينهار من أمريكا إلى الاتحاد السوفييتي. وأن نظاما جديدا سيظهر نتيجة حتمية لهذه التفاعلات وليس بتصميم مصمم أو بقـرار سياسي. أو بالتهديد بالقوة .. سينهار حتما كل ما هو رسمي ويحل محله كل ما هو شعبي وهل ماتت الشيوعية حقا.. ؟! أقول: إن عصر الجماهير بدأ يفرض نفسه وهو يزحف حثيثا يلهب المشاعر، ويبهر الأبصار، وسيتحقق كل ما قيل في مقدمة هذا المقال ولكن الشيوعية لا نقول ماتت لأنها لم تولد بعد!! وعلينا أن نتذكر ما قاله هتلر لأحد حلفائـه: علـينا أن ننتظر انتصارنـا حتى ولو تأخر360 عاما). قلنا إن الشيوعية لم تولد بعد حتى يقال إنها ماتت ولكن الماركسية اللينينية هي التي انهارت بل سقطت في الحقيقة اللينينية الستالينية ولكن لماذا سقطت؟ يقول أحد آيات الثورة الإسلامية في إيران سقطت بسبب الكفر بالله .. والإلحاد به وليس لأي سبب آخر اقتصادي أو سياسي. وهذا سبب برغم صعوبة تصديقه لكونه ميتافيزيقيا إلا أن استبعاده يعتبر نوعا من العسف. لاشك أن غورباتشوف نفسه كان أشد المناهضين لله والداعين لنبذ الدين مع أنه اعترف به الآن وقال بعظمة لسانه في خطبة الوداع:”إن الله قد حبانا خيرات كثيرة لو أحسنا استغلالها”. وغير خاف أن الماركسية هي التي قالت بأن الدين أفيون الشعوب، وقالت: لا تقدم لمجتمع ديني أو مجتمع قبلى، فالبحث العلمي لا يسمح به الدين وبالتالي يموت التقدم العلمي حتما في مجتمع ديني. وهذا شئ طبيعي حيث إن الدين قضية روحية وغيبية أساسها الإيمان بالغيب أما العلم فهو قضية مادية واقعية أساسها التجربة (يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون) وبالتالي لا يمكن التوفيق بين الاثنين الروح والمادة، الواقع والغيب، الإيمان والتجربة، فحتى ابن سينا تم تكفيره لأنه قال: إن الجبال والوديان صنعتها عوامل التعرية والتصدعات الأرضية خلال عمر الأرض الماضي. وجاليليو حكمت الكنيسة بحرقه لأنه قال: الأرض كروية من الناحية الواقعية المادية المشاهدة. وهكذا حسمت الماركسية هذه المسالة لمصلحة حرية البحث العلمي دون النظر إلى الحلال والحرام وما بينهما، فالطبيب عندما يصف دواء لمرض ما لا يقول هذا هو الدواء ولكنه حرام أو مكروه أو فيه قولان من الناحية الدينية أي دين .. فالأديان شتى؟!هذا شيء وهناك شيء آخر ذكرناه ضد الماركسية وهو أنها ورطت العالم في تقليعة التصفية الجسدية للطبقة المعادية والاغتيالات السياسية للخصوم، والسجن السياسي والبوليس السري، والأمن القومي والمحاكم الخاصة تقليدا للثورة الفرنسية وهذا ربما يكون أحد أسباب سقوطها، وللحقيقة فإن الماركسية تلميذ نجيب للبرجعاجية، والثورة الروسية عام 1917 م ما هي إلا تلميذ للثورة الفرنسية التي وقعت عام 1789 م. ومن الظلم والمغالطة أن تنسب التصفية الجسدية للطبقة المعادية للماركسية، فالبرجعاجية الفرنسية هي التي ابتدعت هذا التقليد حيث صفت جسديا الطبقة الإقطاعية، فلينين أو سالين ما هما إلا تلميذ إن لروبسبيرودا نتون، واليسار نسب خطا للثورة الشيوعية، فاليسار وليد الثورة الفرنسية.فاليعاقبة المتطرفون الثوريون هم الذين جلسوا في اليسار صدفة في قاعة الجمعية الوطنية الفرنسية، والسهليون المعتدلون جلسوا في اليمين صدفة من ذلك سمى الثوريون والمتطرفون باليساريين، وسمٌى المعتدلون باليمينيين إذن اليسار واليمين من مفردات قاموس الثورة الفرنسية وليس الروسية، أما اغتيال الخصوم فلم يبتدعه استالين باغتياله تروتسكى بل هذا تقليد روماني، واغتيال يوليوس قيصر يبرر الأمثلة على ذلك، أما السجن السياسي فالإقطـاع هو الذي بناه، والتاريخ يسجل بأحرف من الدموع قصة الدكتور مانيت الذي نسى اسمه بعد خروجه من السجن ودخله طبيبا وخرج منه نجارا، والإقطاع أيضا قبل البرجعاجية شكل البوليس السري حتى أن ثوار فرنسا اضطروا أمام دقة البوليس السري الإقطاعي إلى كتابة قوائمهم بالطريزة والنقش على القماش خوفا من البوليس السري. أما المحاكم الاستثنائية والثورية والخاصة فهي أيضا من صنع الثورة الفرنسية التي ابتدأت بمحاكمة وإعدام الإمبراطور لويس السادس عشر وزوجته مارى انطوانيت ثوريا ثم طيلة عهد الإرهاب الذي قاده اليعاقبة. وأن القطة التي أكلت أولادها ليست الثورة البلشفية بل قيل هذا المثل في الثورة الفرنسية التي انتهت بإعدام قادتها روبسبيرودانتون و سان جيست.أما بدعة الأمن الخارجي والأمن القومي وتشكيل أجهزة رسمية لذلك فلم تكن من طبيعة الثورة السوفياتية أبدا، على العكس فالثورة السوفياتية عزلت نفسها عن العالم، و أقامت حولها ستارا حديديا يحجبها عن العالم بل ليحجب العالم عنها بل هي من صنع الثورة الأمريكية، والمخابرات الأمريكية هي التي تمارس هذا الاختصاص حتى الآن باسم حماية الأمن الخارجي والقومي للولايات المتحدة الأمريكية، والزحف الغوغائي على الخصوم هو أساس الثورة الفرنسية عندما بدأ الزحف على قصور الإقطاعيين. واللون الأحمر ليس لون الثورة البلشفية بل هولون الثورة الفرنسية أولا وتبنته الثورة الروسية .. التاريخ الفرنسي يذكر أنه عندما مر ماركيز في أحد شوارع باريس بعربته المحملة ببراميل النبيذ المصنوعة من الزجاج، وسقط أحدها على الطريق وتكسر وتدفق منه النبيذ الأحمر على الأرض، وهبٌ فقراء الشارع يمتصون النبيذ بواسطة خرق القماش من الشارع .. قام أحد الثوار السريين وغمس إصبعه في النبيذ الأحمر وكتب به على الحائط (دم) وانصرف .. وعرف العالم فيما بعد ما يعنى ذلك. أما إلغاء الدين فلم يكن من فلسفة الثورة الروسية هو الآخر بل هو فلسفة الثورة الفرنسية التي ألغت المسيحية رسميا، واستبدلتها بعبادة الجمهورية وأرواح شهداء الحرية. والثورة الروسية ألغت الدين تقليدا للثورة الفرنسية، إذن الثورة الروسية هي تلميذ فقط للثورة الفرنسية في كل شئ .. نسختها حرفيـا .. وقلدتها تفصيليا ولم تأت الثورة الروسية بجديد بالنسبة لتلك المساوئ أو المآسى أو المزايا. إذن ماذا تبقى للثورة الروسية مادام اليسار مستوردا من الثورة الفرنسية .. وكذلك المحاكم الثورية والسجن السياسي والحبس الانفرادى والتصفية الجسدية .. وتصفية الطبقة والجيش الشعبي والجيش العقائدي وهو الجيش الذي شكلته الثورة الفرنسية لمواجهة أوروبا الملكية وحتى اللون الأحمر هو أيضا مستورد من الثورة الفرنسية.؟ إذن ما هي الثورة الشيوعية التي يقال إنها سقطت؟ .. وما هو النظام اللينينى الماركسى الذي فشل؟ .. وما هي الأيديولوجية التي انتهت؟ ..وما هو الاتحاد السوفييتي ذاته الذي انهار؟ ..وما هو السر الخطير وراء هذا السقوط المريع الكبير؟ .. في الحقيقة ليس للثورة الروسية أي شئ .. كلها تقليد في تقليد واستيراد ومحاكاة، فهي مجرد انبهار بالثورة الفرنسية، وقد عمل ثوار روسيا القيصرية على تطبيقها في بلادهم- فاللينينية- الماركسية أكذوبة قومية حتى لا يقال إن روسيا تلميذة فرنسا فليس ثمة لينينية-ماركسية إطلاقا بل هي روبسبيرية- دانتونية أو فولتيرية- روسوية .. وهى ليست ثورة بروليتاريا أبدا، تلك أكذوبة تاريخية .. هي ثورة برجعاجية ضد الطبقة الإقطاعية تماما كما قامت البرجعاجية الفرنسية بالثورة على الإقطاع، فروسيا القيصرية كانت إمبراطورية إقطاعية بمعنى الكلمة. وقد أطاحت ثورة أكتوبر بتلك الإقطاعية الملكية وحولتها إلى جمهورية برجعاجية انضوى تحت لوائها بطبيعة الحال كل من هوليس إقطاعيا أي حتى الفقراء وأبناء الطبقة الوسطى.تماما مثلما حولت الثورة الفرنسية فرنسا من مملكة إقطاعية إلى جمهورية برجعاجية وليس ثمة ايديولوجية بل هي ثورة الطبقات الدنيا على الطبقة الإقطاعية، وليس ثمة ثورة شيوعية حتى يقال إن الثورة الشيوعية سقطت .. الشيوعية لم تأت بعد.. . وقد لا تأتى لأنها طوباوية خيالية مشروطة بوجود إنسان شيوعي وهذا شرط محال.أما الاتحاد السوفييتي الذي انهار فهو الصراع القومي الذي ليس غريبا على التاريخ بل هو المحرك الأقوى للتاريخ، وهو المشكل أخيرا لخريطة العالم .. وسواء كان الاتحاد السوفييتي ماركسيا أو رأسماليا أو غير ذلك فإن الصراع القومي لا مفر منه .. وهذا ما كان .. وهو صراع حتمي في أي دولة مكونة من عدة قوميات من الهند إلى أمريكا إلى يوغسلافيا.أما الذين كانوا يحكمون في أوروبا الشرقية والاتحـاد السوفييتي سابقا فهم الأحزاب البرجعاجية التي تحولت بمرور الـزمن إلى طبقة أرستقراطية، فلا غرابة فيـما حصل فهو طبيعي ولكن أكثرهم لا يعلمون فقط.إذن ما الذي تبقى من هذه المصائب يمكن نسبه للماركسية حتى نقول إنه سبب سقوطها؟ .. ليس هناك إلا مصيبة واحدة باقية في قائمة المصائب السياسية والاجتماعية تنسب بحق للثورة الماركسية وهى المسالة الاقتصادية .. نعم كل ما يتعلق بالملكية، ونزعها، ومصادرتها، والحراسة عليها، والتسعيرة، ودعم السلع الأساسية وإلغاء قانون العرض والطلب، كل هذا من صنع الثورة البلشفية.يا ترى هذا هو سر سقوطها؟ ربما!! إذ إنه الآن وبعد إلغاء ما كان يسمى بالاشتراكية زادت أسعار السلع الأساسية عدة أضعاف في كل من جمهورية روسيا وأوكرانيا وكل دول شرق أوروبا وظهرت طوابير المتسولين، هذا ما تحقق من تغيير بعد اعتماد سياسة السوق.

دعوة ملحة لتشكيل حزب مرة أخرى

فرح المبلسون .. وتصافح المطففون .. وابتهج كل حلاف مهين .. مناع للخير معتد أثيم .. ومعهم كل عتل زنيم .. وظنوا أنهم غير مسئولين .. وأن المغفلين هم الخاسرون .. ولم ينتبهوا إلى أن الظن لا يغنى من الحق شيئا .. واعتقدوا أنهم ناجون بما يسلبون .. وأن الحق يبطل بالتقادم وخاضوا في يم الفساد مع الخائضين .. واطمأنوا بما سرقوا وقالوا لن تقوم القيامة أبدا وكذبوا بيوم سداد الذين. من تحزب خان”الفصل الأول من الكتاب الأخضر”. إن الحزب المحرم سياسيا هو أداة الحكم التي تمارس السلطة نيابة عن الشعب، إذ إن الحزب هو حكم جزء للكل .. هذا هو بيت القصيد: حكم جزء للكل. إن هذه الجملة هي مبرر هذه الدعوة لتشكيل حزب. نعم لأن الحزب هو حكم جزء للكل .. وتطبيقا للكتاب الأخضر من الضروري تشكيل حزب تحقيقا للديمقراطية الشعبية، ولكي ننعتق نهائيا من كل أدوات الحكم الدكتاتورية التي تسلب الإمكانات من الشعب، وتفقد الجماهير كل فاعلية!! نعم من الضرورة الملحمة تشكيل حزب دون تأخير، لأن الحزب يتكون إما من ذوى المصالح الواحدة .. وإما من ذوى الرؤية الواحدة .. والثقافة الواحدة .. أو المكان الواحد والعقيدة الواحدة! هؤلاء يكونون الحزب لتحقيق مصالحهم .. الخ، ولا يجوز ديمقراطيا أن يحكم أي من هؤلاء كل الشعب، الحزب هو الأقلية بالنسبة للشعب، ومادام الحزب أقلية بالنسبة للشعب، إذن يجب تشكيل حزب للقضاء على تحكم الأقلية في الشعب!! ليس ثمة تناقض أبدا في هذا المنطق من الناحية السياسية والثورية، ولكن هناك تناقضا صوريا فقط من حيث الألفاظ . ولكي نفهم هذه المفاجأة الشكلية .. ونصل إلى قناعة بأنه حتما من الضروري تكوين حزب، تحقيقا للديمقراطية الشعبية المباشرة- علينا أن نطرح الواقع ونحلله. الذي يحكم الآن حزب وليس الشعب .. ليست المؤتمرات الشعبية!! إذن يجب سحق هذه الأداة التي ليست الشعب لكي يحكم الشعب .. لكن من هو الشعب؟!! الشعب في النظرية الثورية تعبير برجعاجى غامض مبهم لا يقل إبهاما عن عبارة “الشعب سيد الجميع” فمن هو الجميع الذي يكون الشعب سيده؟!! والصحيح “الشعب هو السيد”. ولكن الآن نثير مشكلة مغنى الشعب: الشعب هو”كل المواطنين” هذا هو التعريف الصحيح لكلمة شعب. ومن هنا يمكننا الوصول إلى الحقيقة .. إلى المشكل لنقوم بحله. إن المواطنين الذين يشكل مجموعهم الشعب هم الفلاحون والعمال والتجار السابقون والحاليون، والسماسرة السابقون والحاليون! وتجار السوق ا لسوداء وأرباب العمل السابقون والحاليون! والطلاب والموظفون والضباط وأعضاء اللجان الطبية وأعضاء اللجان الشعبية!! والباعة المتجولون، والزنادقة .. والمهربون!! وخطباء المساجد الأميون!! وموظفو الجوازات ومعارفهم، ورجال- ونساء- الجمارك ومعارفهم وموظفو المطارات والاستراحات الشرفية ومعارفهم، والجنود الذين يتقاضون رواتب والذين لا يتقاضون كلهم يشكلون الشعب. زائدا الذين يعالجون في الخارج، والذين لم يسمح لهم بالعلاج في الخارج، لأسباب غير صحية!! وكذلك الذين مدت إليهم هواتف والذين لم تمد لهم لعدم معرفتهم.والشعب يتكون كذلك من الذين يسافرون لمهام، والذين يسافرون دون مهام عدة مرات في السنة. وهذا التعريف للشعب لا يفرق بين الذين ينزلون في الخارج في فندق ريزيد ينت او انتركونتينتال والذين ينامون في مكاتب المكتب الشعبي حتى يؤدوا مهمتهم ثم يعودوا! كل هذا الخليط يكون الشعب باستثناء الشغالات المغربيات والحبشيات والفليبينيات، حيث”البيت يخدمه أهله” “والطفل تربيه أمه” ويشمل تعريف الشعب كذلك القيادات الثورية والسياسية والعسكرية والإدارية والفنية وأقاربهم وأصدقاءهم .. وأصدقاء أصدقائهم وأصهارهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم سداد الدين!! والتزاما بالنزاهة العلمية في تعريف كلمة شعب فإنه يشمل أيضا أساتذة الجامعات والأطباء والمدرسين وسكان غوط الشعال وأبى سليم والفلاح وسكان سرت وطبرق والجوش ومزدة باستثناء طبعا شعب (داوو) لأنه من أصل كوري .. وشعب الممرضات وممرضات العلاج الطبيعي لأنهن من أصل سلافي!!إن هذا التعريف للشعب يشمل كل الذين تأتيهم حقائب ملابس، والذين لا تأتيهم!! والذين لا يمرون على التفتيش والذين يمرون، فالمواطن هو المواطن سواء أتته سيارة من الخارج أم لم تأته، وسواء له سائق خاص أم لا وفقا لمقولة”السيارة لمن يقودها” فأنت في الإحصاء مواطن وجزء من الشعب سواء عندك حوض سباحة أو عندك ملاحة في الحمام!! وكذلك الذين يأتيهم الخياط إلى البيت والذين يأتون إلى الخياط في البيت.
هذا معنى كلمة شعب، كل مواطن من الذي يسكن في مشروع إدريس للإسكان في أبى سليم والذي مازال في خيمة في وادى بى إلى الذين يسكنون حى أبى نواس وكذلك الذين يذهبون إلى سويسرا بزوجاتهم، والذين يذهبون إلى زوجاتهم. المواطنة صفة لا علاقة لها بالزوجية أو العزوبية أو اللازوجية واللاعزوبية!! لقد عرفنا الآن معنى الشعب، واتضح لنا أنه تعريف حقا برجعاجى لا يطمأن إليه فهو خليط من المتناقضات والمتعارضات والمتضاربات والمتوازيات. ولاشك أن الشعب بهذا التشريح يشمل شرائح معادية لبعضها بعضا، وعناصر متناحرة وفئات مضادة لبعضها بعضا اجتماعيا. إذن في داخل الشعب قوى وعناصر استغلال وسرقة واحتكار وتعال وتسلط ومحسوبية وقبليـة ورجعية وفساد .. بعد هذا التشريح لتعريف الشعب نعود لدعوتنا بضرورة تكوين حزب كيف؟ الذي يحكم الآن تحت مظلة الديمقراطية الشعبية ليست الجماهير بقيام دولة الجماهير، بل الذي يحكم هو تحالف- ليس قوى الشعب العاملة- إنما تحالف معاد لقوى الشعب العاملة، إنه تحالف قذر لا يعرف أفراده بعضهم بعضا، بل يعرفون أسلوب بعضهم بعضا ولم يجتمعوا في مكان ويعقدوا حلفا بينهم بل يتحالفون ضمنيا، هذا هو الحزب الذي يحكم الآن. ولكن لا تخشوا هؤلاء الحلفاء تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى.. فهم يكرهون بعضهم بعضا لأنهم يتنافسون في المراذل. لا مفر من تشكيل حزب، إنه ليس حزبا لحكم الشعب، بل هو عملية فرز الجماهير من الشعب. إنه ليس الحزب الجزء الذي يحكم الكل.. بل هو الكل لفرز الجزء، إنه الجسم يتغلب على السرطان.إنها عملية جريئة أخرى، وقفزة نوعية، وتحول ثوري جديد لخلق دولة الجماهير، الجماهير فقط صاحبة المصلحة في الثورة والتي أكلت الطحالب حصتها ومص درا كولا دمها. أيها المجهولون .. أيها الطيبون .. يامن لا تعرف من يمد لك خط الهاتف، يامن لا تعرف من يسامحك في سداد رسوم الهاتف والماء والكهرباء وقرض المزرعة والمسكن .. يامن تسكن في ظل قصر مشيد في منزل قديم .. يامن لا تستطيع السفر إلى الخارج.. ولا تعرف من يرسلك إلى العلاج في الخارج .. يامن لا تعرف كيف تحصل على سيارة ولا من يقطع لك- وليس على حسابك- تذكرة الطيارة .. أيها المواطن اللابرجعاجى أيها الكادحون، أيها المنتجون العارقون .. أيتها الأرامل، أيتها المطلقات خلافا للشريعة .. أيتها المغتصبات بالمال .. أيتها المقهورات الصامتات .. يامن لا صوت له .. ولا حول ولا قوة له .. يامن فارقت فلذة كبدك قهرا .. يامن غادرت بيتك جبرا، يامن لا تعرف أحدا ولا يعرفك أحد.. أيها الجنود المرابطون في الجبهات، أيها الكناسون “السياقات” النظافات، أيها المدرسون المخلصون يأكل من تتلطخ يده بالجير والقطران وبالغبار والطمى والملح ودم الجراحة والقتال، إلى كل ذي يد خشنة “إن اليد الخشنة يحبها الله ورسوله”.. يا من أجبرت على أن تكون سائقا لامرأة برجوازية عاطلة .. يامن أمرت بالركوب وحدك في الأمام .. يامن أمرت بغسل سيارة ثمينة بماء عذب فرات وتشرب في بيتك ملحا أجاجا .. يامن أمرت بشراء ما لذ وطاب وأنت في بيتك ينقصك حتى الشراب ، يامن تعرف أن السلطة لك ولكنك ساكت، يامن تعرف أن الثورة من أجلك ولكنك صابر .. يامن تعرف أننا نحبك ولكنك غير قادر على الوصول إلينا، يامن تحبنا ولكنك غير قادر على وصالنا ياراقدى الريح .. يا قليلى الوالى، أيها المساكين، هذا هو عمركم .. عصر الجماهير، هذه ثورتكم الثورة الشعبية .. هذا طريقكم الطريق الأخضر قد فتح. هذا كتابكم الأخضر خذوه بقوة، اقرءوا ما فيه مثنى وثلاث ورباع، إنها فرصتكم التاريخية أن تحكموا وتسودوا وأن تمشوا في الأرض مرحا .. وأن تخرقوا الأرض وأن تبلغوا الجبال طولا .. برغم نصيحة لقمان لابنه وهو يعظه، ذلك لقمان وابنه أما هذا فهو الجماهير وعصرها، ازحفوا إلى الأمام .. اضربوا الأرض بأقدامكم الحافية المشققة، لقد خلقت لكم، ارفعوا رؤوسكم إلى السماء فهي جميلة من أجلكم، ارفعوا أصواتكم، لم يعد هناك نبي حتى تغضوا أصواتكم عنده، اجهروا بها أقوى ما يكون الجهر .. ماتت الآلهة التي كانت تخيفنا وتزور الوحدانية، قتلناها يوم الفاتح العظيم .. ويوم خطاب زوارة التاريخي، وفي العيد السادس للثورة، وفي ليلة الثلاثاء منتصف أبريل وفي 6 من أكتوبر و 7 من أكتوبر و الفاتح 78 م .
أقسم لكم أن الآلهة ماتت .. وأنصاف الآلهة ماتت، والرسل ماتت. لقد شاهدنا موت خاتم النبيين، ولم يبق إلا الله الذي تعالى علوا كبيرا وأنه رحمان رحيم وأنه لطيف ودود.
كل ذلك ينزع الرهبة من قلوبنا، ويعزز حريتنا، ويؤكد انفرادنا بالسلطة فوق أرضنا.. إذا وجدتم إلها فاقتلوه واصلبوه .. وإذا وجدتم نبيا فارجموه واقتلوه .. إنهم دجالون وكذابون.. لقد ماتت الآلهة وماتت الرسل .. فلا تصدقوا إن قال لكم أحد : إنني إله أو نبي إنه مدع ودجال.. إنه مسيلمة أو سجاح، الأرض ملك للجميع .. البيت لساكنه .. السيارة لمن يقودها .. الذي ينتج يستهلك إنتاجه .. البيت يخدمه أهله .. الطفل تربيه أمه .. الجامعة لطلابها .. المدرسة لطلابها .. السلطة والثروة والسلاح للجميع .. إليكم جميعا يوجه النداء ليبدأ الفرز لتصطف الجماهير على اليسار.. وليقف خصومها على اليمين لتفصل بيننا ا لمتاريس. وحتى يبدأ العمل والحسم والحزم، وحتى يقترن الكلام بالفعل اتجهوا أيها الأحباء إلى المثابات الثورية، وسجلوا أسماءكم وعناوينكم .. ستجدون سجل العضوية مفتوحا لكم. أما أنتم أيها المنافقون يامن شوهتم كل زحف شعبي مقدس.. أيها المتلونون، أيتها الحرباوات فلا تحاولوا هذه المرة إن تفعلوا كما فعلتم في الماضي لسبب واحد بسيط هو أننا الآن”نعرفكم”، لو تقدم أحد منكم منا أو اختلط بنا كما تعودتم في الماضي وقبل أن نعرفكم فسوف نذيقه عذاب الهدهد ولنذبحنه. أنتم أمامكم باب آخر وهو التقدم، لا لتسجيل أسمائكم معنا، بل لتسجيل ما في ذمتكم لنا .. ولكم أن تعترفوا أو لا تعترفوا فالحلال بين والحرام بين .. لقد تبين الرشد من الغى، دقت ساعة العمل مرة أخرى.
وقد أعذر من أنذر.