محاضرة القائد في طلبة جامعة أوكسفورد

احصل على PDF

2007.5.16

محاضرة الأخ القائد في طلبة جامعة أوكسفورد البريطانية حول إفريقيا في القرن الحادي والعشرين

مساء الخير لكل الحاضرين .. وشكراً للذين رتبوا هذا اللقاء ولجامعة أكسفورد وأساتذتها وطلابها، ولاتحاد الطلاب .. ويشرفني هذا، وأتمنى أن نستمر دائماً كزملاء ونلتقي من فترة إلى أخرى لنساعد العالم في مواجهة تحدياته وأزماته التي يعاني منها في كل القارات وعلى كل الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

أنتم طلبتم مني أن أتكلم عن إفريقيا في القرن الحادي والعشرين .. وبودي أن يفيد كلامي ليس الأفارقة فقط، ولا أنتم طلبة أكسفورد، ولكن أن يفيد العالم كله.

في فترة سابقة عندما كانت إفريقيا في فترة ما يُسمى الحرب الباردة، كانت تتصارع عليها قوى كبرى، يعني كان المعسكر الشرقي والمعسكر الغربي والاتحاد السوفيتي وأمريكا ووارسو والأطلنطي (الناتو).

وهذا كانت له في الحقيقة نتائج سلبية ضارة جداً على المستوى العالمي وعلى المستوى الإفريقي.
أولاً إفريقيا تأثرت كثيراً بهذه الصراعات ، وأصبحت مسرحاً للصراعات الأيديولوجية والنفوذ السياسي والعسكري لأمريكا أو للاتحاد السوفيتي، وأصبحت ساحة صراع بين من يريد أن يستحوذ على هذه القارة وينال أكبر عملاء وأكبر تبَّع لكي يستحوذ على الخامات وعلى ثروات إفريقيا ويكسب الأفارقة كتبَّع له في المحافل الدولية، فالصراع كان موجوداً على أشُدّه بين الشرق والغرب.

فكنا نحن ضحية لهذا الصراع، والعالم نفسه لم يستفد لأن ساحة أخرى أضيفت إلى ساحات الصراع .. كان الصراع في أوروبا الشرقية والغربية وانتقل إلى إفريقيا، وأصبحت إفريقيا بعضها يتبع المعسكر الشرقي وبعضها يتبع المعسكر الغربي.

واستنزفت إفريقيا بوضعها هذا ، كما استنزف هذا الصراع حتى القوى الكبرى.

الاتحاد السوفيتي وأمريكا استنزفا إمكانيات كبيرة من أجل أن يسيطر كل واحد منهم على أكبر مساحة من إفريقيا، فكانت النتيجة سلبية على السلام العالمي ، وعلى الاستقرار العالمي، وعلى الأمن العالمي، وعلى الاقتصاد العالمي، وكانت ثورات وحروب وقتال وعنف واغتيالات وتصفيات، وكان هناك إلى حد ما ـ ولكن ليس نفس الشيء في أوروبا ـ الصراع والحرب الباردة مثلما كانت هناك الحرب الساخنة.

وهذا كان يدور فوق أوروبا ودار فوق إفريقيا أيضا وخاصة شمال إفريقيا والمكان الذي فيه أنا الآن.
أقصد عندما تكون هناك قارة من القارات مثلما كانت إفريقيا وأوروبا هي مسرح صراع بين القوى الكبرى سواء كان الصراع ساخناً أو بارداً، فإن نتائجه ستكون سلبية على المستوى العالمي أو على المستوى الإقليمي.

من هنا بودي أن يفهم العالم من خلال هذا اللقاء وعبركم، وأن يأخذ الدروس المستفادة من تجربة الماضي، ويقلع عن الأساليب التي كانت في ذلك الوقت.

أوروبا كانت مقسمة وكانت هناك مواجهة عسكرية بين شرقها وغربها، والآن أوروبا يمكن أن نقول إنها توحدت، وهذا عامل استقرار كبير اقتصاديا ونفسيا وسياسيا.

والآن عاد البيت الأوروبي مثلما هو، وفي نفس الوقت تعتبر أوروبا منطقة عازلة بين روسيا الاتحادية الآن وبين أمريكا، فيجب أن تكون مسالمة بهذا الشكل وموحدة ومنطقة عازلة وليست منطقة اشتباك.

أنتقل إلى إفريقيا – موضوعنا – إفريقيا بعدما تخلصت من ذاك الصراع الذي عرّجتُ عليه وقلت إنه كان قائماً في مرحلة الحرب الباردة.

الآن للأسف بدأت بوادر فجر صراع جديد على إفريقيا، وهذا قد يقودنا مرة أخرى إلى المآسي السابقة.

عندما تصبح إفريقيا مسرح صراع بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، وهذا الذي يجري الآن.

وهذا يجب أن أكون أول من يدق هذا الناقوس .. هناك خجل وهناك عدم شجاعة في طرح هذا الموضوع.

مثل الذي يكون لديه مرض ويحاول أن يخفي هذا المرض إلى غاية ما يتمكن منه.

وأنا لا أريد أن أخفي الحقيقة عن الشعوب وعن العالم سواء كان في إفريقيا أو القارات الأخرى.

الآن هناك فجر صراع جديد في إفريقيا يمكن أن يجعل إفريقيا مرة أخرى منطقة صراع بين القوى الكبرى.

هذا الصراع قد يستنفد طاقات أمريكا والصين لأن اللاعبين الآن طبعاً هما الصين وأمريكا.

وأنا أريد أن أقول لكم بوضوح مداخل كل واحد منهما .. فأمريكا الآن داخلة إفريقيا مدخلاً خشناً ، داخلة مصحوبة بالعسكر ، بالسلاح ، بالقواعد العسكرية ، تبحث عن قواعد عسكرية في إفريقيا ، عن قيادة عسكرية أمريكية في إفريقيا ، تتدخل في الشؤون الداخلية لإفريقيا إلى أبعد حد ، تتذرع بحقوق الإنسان التي لا تعيرها أي اهتمام في بلادها أو في البلاد الأخرى ، ولكن وسيلة للتغلغل في إفريقيا والتدخل في إفريقيا والضغط على إفريقيا.

تتكلم عن حقوق الإنسان وعن الديمقراطية ، مع أنه لا توجد ديمقراطية في أمريكا ولا غيرها.

وتتكلم عما يُسمى بالحكم الرشيد ، مع أنه لا يوجد هناك رشيد .. وتتدخل في أقصى الشؤون الداخلية.

وإذا كان هناك واحد تابع أمريكا أو عميل للمخابرات الأمريكية وتم التحقيق معه واعتقاله ، تقول أمريكا ، المواطن الفلاني ماذا فعلتم به ؟ وأين حبستموه ؟ ولماذا ؟.

هل هناك دولة أخرى تمشي إلى أمريكا وتقول لها : لماذا أنت يا أمريكا ألقيت القبض على المواطن الأمريكي الفلاني أو أين حبستِه أو نستطيع أن نزوره ؟ لا يجوز ولا يمكن، إذن كيف تعطي أمريكا نفسَها هذا الحق.

هذا المدخل الخشن لأمريكا في إفريقيا.

بينما الصين .. طبعاً هما الاثنان لاعبان متنافسان والاثنان يريدان أن يستعمرا إفريقيا أو يستفيدا منها.
الصين داخلة مدخلاً ليناً .. الصين لا تسأل الدول الإفريقية عن نظام الحكم فيها ، ولا عن حقوق الإنسان ، ولا عن حرية التعبير أو حرية الصحافة ، أو ما إليه.

والصين لا تدخل بعسكر أو بقواعد عسكرية أو بقيادة عسكرية ، ولا تتكلم عن الحكم الرشيد أو عن حقوق الإنسان ، أو هذه الأشياء كلها ، لا تتدخل في الشؤون الداخلية إطلاقاً.

فالمدخل الصيني مدخل ليّن ، حيث تتغلغل الآن أكثر من (600) شركة صينية في إفريقيا ، بل هناك جاليات استيطانية صينية بدأت تتواجد في إفريقيا.

الأفارقة يرحبون بالصين لأن مدخلها مدخل ليّن ، وستستفيد الصين طبعاً ، ويتوجسون من المدخل الأمريكي لأن مدخل أمريكا مدخل خشن.

طبعاً هذا يدل على عباطة السياسة الأمريكية ، يعني اعتبرنا أن أمريكا دائماً دولة تجهل العالم وتتصرف بعباطة وبشكل عشوائي.

وكثيراً ما يؤدي هذا إلى أنها تُضرَب وتُنزف وترجع خاسرة مثلما عملت في فيتنام ومثلما هو الآن في العراق ومثلما عملت في الصومال في السابق وغيرها .. أمريكا دائماً تتصرف بعباطة وبعشوائية وبجهل للمنطقة التي تدخل فيها المعركة ، وبالتالي تخسر.

بينما الصين يبدو أنها تعرف المداخل النفسية المفيدة لها في إفريقيا ، وهي الآن تدخل بسلام وتتغلغل بسلام ، وستربح الصين في إفريقيا.

هذا الشيء المزعج الآن ، وأنا أريد أن أعلنه لأنه ليس هناك أحد يتكلم عنه ، لأن البعض يرى أن من المهم أن نجذب الصين إلى صفنا ضد الغول الأمريكي مثلما يقولون ، الإمبريالية الأمريكية والاستعمار هو هو ، ولكنْ هناك استعمار بالقوة ، وهناك استعمار بالتي هي أحسن .. استعمار خشن واستعمار ليّن.

هناك من يرحب بالصين .. وكلنا نبحث عن رادع ضد التغلغل الأمريكي لأنه مخيف ، التغلغل الأمريكي المدخل الأمريكي مخيف.

فنحن دائماً إلى جانب الصين بشرط أن تعرف أننا نعرف أنها في النهاية قد تصبح دولة استعمارية إذا كانت تريد أن تستوطن إفريقيا أو تريد أن تسحب الخامات الإفريقية بثمن رخيص وتصنعها وتبيعها لنا بثمن غالٍ أو تبيعها لأسواق العالم بثمن غالٍ.

هذه نقطة .. يعني هناك القليل الذي يميل إلى أمريكا .. لو نعمل استفتاء في إفريقيا فستربح الصين ، لأن الناس تخاف من أمريكا أنها يمكن أن تعمل فينا مثلما فعلت في دول العالم الأخرى ومناطق العالم الأخرى وتفرض وجوداً عسكرياً وتدخلاً فظّا في الشؤون الداخلية وفي كل كبيرة وصغيرة … إلخ.

هذه قضية من القضايا التي نواجهها الآن.

الشيء الآخر ، إن مستقبل إفريقيا في الاتحاد الإفريقي ( أفريكان يونيان ) .. إذا نجحت إفريقيا في أن تتوحد فهذا الشيء مفيد للأفارقة ومفيد للعالم ، مثلما توحدت أوروبا الآن ، هذا شيء أفاد أوروبا كقارة ، وأفاد الأوروبيين ، ويفيد كذلك العالم ، لأن أوروبا لم تعد منطقة مواجهة وصراع مقسومة بين معسكرين ، وقوات تواجه قوات ومخزن بارود ينفجر في أي وقت.

وأنا أعرف أن القوات الأمريكية التي احتلت أوروبا في الحرب العالمية ما زالت موجودة تحتل أوروبا ، ولكن على أي حال هذا الموضوع يخص الأوروبيين ، وهو طبعاً يهدد السلام في أوروبا وفي البحر المتوسط والعالم ، وأتمنى أن يزول ، ولكن أوروبا الآن سياسياً واقتصادياً هي مفيدة لنفسها ومفيدة حتى للعالم.

أصبح عندنا الآن أوروبا الموحدة ، العملة الأوروبية الواحدة ، والسياسة الأوروبية الواحدة .. وهذا خلق استقراراً في العالم.

نريد لإفريقيا أن تتوحد كذلك ، وتكون هناك العملة الإفريقية الواحدة والمصرف المركزي الإفريقي الواحد والأمن الإفريقي الواحد والسوق الإفريقي الواحد ، والتصدير يكون واحداً.، الاستيراد واحداً ، والتعريفة الجمركية واحدة … هذا سيفيد الاقتصادي العالمي.

لكننا نحن الآن خمسون دولة تتعامل بخمسين عملة ، بخمسين مصرفاً مركزياً ، بخمسين نظاماً اقتصادياً مختلفاً ، وليس له أي وزن.

يعني اقتصاد ملاوي على غامبيا على عينيا بيساو ، ماذا يعني ؟ فهذا أمام الكتل الكبيرة لا يفيد.

كيف الاتحاد الأروربي هذا العملاق أو الولايات المتحدة الأمريكية أو الصين العملاق أو اليابان ، يضيع وقته بالتفاوض مع وفد جاءه من غامبيا ، من هي غامبيا ؟ جاء وفدها ليشتري عشر سيارات.

لكن عندما يأتي مفوض عن السوق الإفريقي كله يريد أن يشتري نصف مليون سيارة ، نعم هذا زبون يُسمع له ويُتفاوض معه ، ويُستورد منه ويُصدر إليه بالمليارات .. أما غامبيا أو مدغشقر أو ملاوي أو غينيا بيساو أو أي دولة من هذه الدول ونقول حتى ليبيا .. ليبيا فقط لأن فيها النفط ، وإلا فحتى هي ينطبق عليها ما ينطبق على غامبيا أو زامبيا أو بوروندي أو أوغندا أو بوتسوانا.

يعني هذه من سيضيع الوقت لكي يتفاوض معها أو يدخل معها في بيع أو شراء أو منافسة ، هذا غير مفيد.

أقصد أن هذه التجزئة الإفريقية غير مفيدة للاقتصاد العالمي وللأسواق الكبرى.

لكن لو أن أوروبا أو أمريكا أو الصين أو اليابان تتفاوض مع وزير تجارة خارجية إفريقي واحد اتحادي ، سوق إفريقي واحد ، تصدير إفريقي واحد ، استهلاك إفريقي واحد ، عملة إفريقية واحدة ، هذا سيكون التفاهم معه مجدياً ومفيداً للاقتصاد العالمي.

أريد لو يفهم اللاعبون الكبار ويفهم العالم أن يساعد على وحدة إفريقيا وعلى أن يقوم الاتحاد الإفريقي أو الولايات المتحدة الإفريقية ، لأن هذا فيه استقرار وسلام وأمن ، وفيه فائدة للاقتصاد العالمي وللسلام العالمي وللأمن العالمي وللأفارقة ولأوروبا وللعالم كله حتى لأمريكا والصين.

نحن نرحب بدخول شركات صينية أو أمريكية أو أوروبية أو يابانية بطريقة تنافسية أو طريقة تجارية ، ولكن لا يستوطنوننا أو يستعمروننا أو يرهبوننا أو يبتزوننا أو يستغلوننا .. فهذه أشياء مرفوضة.

نحن الآن على وعي تام ، ونعرف نحن الأفارقة وعندنا خبراء وعندنا علماء وعندنا وعي على مستوى عالمي ، لم تعد تنطلي علينا هذه الأشياء التي كانت تنطلي علينا في الماضي.

عندي تصور آخر لو يساعدنا هؤلاء الناس ، لو يسمع صوتنا الذين ينفقون الأموال الطائلة على صناعة الصواريخ العابرة للقارات والقنابل الذرية وأسلحة الدمار الشامل وحاملات الطائرات والقواعد العسكرية والصرف على الجنود في كل مكان في العالم ، لو يخصصون جزءا من هذا الإسراف وهذا الإنفاق الشرير ، لنا ، لإفريقيا.

أن تعمل أمريكا وأوروبا واليابان والصين معنا ما يُسمى بسد ” أنغا ” أو خزان ” أنغا ” في الكونغو ، لأن هذا سيولد الكهرباء وتُضاء إفريقيا المظلمة كلها وتصدر الكهرباء حتى لأوروبا عبر شمال إفريقيا ، أو لآسيا عبر مصر.

لماذا لا يخصصون لنا كم مليار لكي ننجز هذا العمل الإنساني الذي سيفيد .

أهذا أفضل أم قواعد عسكرية وقوات عسكرية وحقوق الإنسان ولا أعرف ماذا والحكم الرشيد ما الحكم الرشيد !؟ هل نحن الآن في باب الحكم الرشيد أو في باب حرية التعبير .. ما هو التعبير ؟ ونحن ليس لدينا ورق حتى نعبر به في الصحف ، وليس لدينا حتى إذاعات حتى نعبر بها.

نحن نعبر عن حالنا بأننا الآن نولول ونصيح ونتألم .. هانحن نعبر بحرية عن آلامنا التي نحن فيها.

هذا التعبير موجود عندنا فليساعدونا على أن ننقذ بحيرة تشاد.

أنا قدمت ورقة إلى قمة الأرض في جوهانسبرج حول بحيرة تشاد ، هذه البحيرة الآن باقٍ عُشرها ، ويمكن أن تسعة أعشارها انتهت ، وهذه ستكون كارثة بيئية خطرة جداً في إفريقيا والعالم.

لماذا لا يأتون وينقذون معنا بحيرة تشاد .. ننقذها بأن نعمل بعض الأنفاق على شبكة أنهار الكونغو وإفريقيا الوسطى ونهر الشاري ونهر الاغون في الكاميرون ، والمفروض أن تجرى بعض الأعمال على الأنهار الموجودة في إفريقيا الوسطى والكونغو ، وتكنس الأشجار والرمال التي توجد في الطريق بحيث تتم تغذية بحيرة تشاد من هذه الأنهار كما كانت في السابق.

هذا الكلام ستجدونه مكتوبا في موقع ( القذافي يتحدث ) عن بحيرة تشاد.

يعني أدعو العالم لكي ينقذ معنا بحيرة تشاد ، ويبني معنا سد “أنغا” لكي نولد الكهرباء ، وينقذ معنا رئة العالم.

هناك رئتان يتنفس بهما العالم ، واحدة غابات الأمازون في أمريكا الجنوبية ، وأخرى في الكونغو، هذه هي التي تنتج لكم الأُكسجين الذي تتنفسونه.

أدعو العالم إلى أن يحافظ على هذه الرئة التي يتنفس بها العالم وتتنفس بها الكرة الأرضية والرئة الثانية هي غابات الكونغو .. يعني التصحّر والجفاف وعدم استغلال الأنهار والصراعات المدمرة التي تجري الآن في الكونغو لم تتركنا نحافظ على هذه الرئة ، التي هي رئة للعالم كله.

هذه الأشياء هي التي ألفت انتباه العالم إليها في هذه المناسبة ، وأنا أشكركم لأنكم أتحتم لي الفرصة لأن أطرح هذه القضايا المهمة التي لم يسبق أن تجرأ أحد في طرحها بشأن إفريقيا .. هذا بخصوص إفريقيا.

وإذا كان هناك شيء آخر بخصوص ساحة أخرى فتفضلوا ، أنا أمامي الكتاب الأخضر وأمامي الكتاب الأبيض ، وأنا أقبل الأسئلة التي تأتي من هؤلاء السادة الذين أمامي طلبة جامعة إكسفورد وأساتذتها ، لأن هذه محاضرة جامعية.

– متحدث : الأخ القائد أشكرك شكراً جزيلاً على هذا التحليل لهذا الوضع في القارة الإفريقية ، ودعوني أوجه إليكم سؤالاً جاءني من أحد الطلاب وهو يتعلق ببعض ما يقال عن اللاعبين الأساسيين .. لماذا لم تستخدموا قواتكم في حل بعض النزاعات الإفريقية وفي حل بعض المعاناة الإنسانية كما في الصومال وكما في زيمبابوي ؟.

– الأخ القائد : شكراً .. والله يا إبني معظم قوات الأمم المتحدة ممكن ثلاثة أرباعها موجودة في إفريقيا لأن هناك صراعات في إفريقيا إلى درجة أننا نطلب ثلاثة أرباع قوات الأمم المتحدة في إفريقيا.

والمسؤول ـ الحقيقة ـ هو الاستعمار الذي قسم إفريقيا .. فالصراع كله صراع قبلي وحدودي بين قبائل مزقها الاستعمار ، نحن كنا في إفريقيا واحدة ، وأصبحنا الآن خمسين دولة بحدودها المتشابكة.

هذه الحدود قسمت القبائل وقطعت القبيلة بين دولتين وثلاث.

إذا أتينا إلى الصراع في ساحل العاج فأسبابه أن السكان فيما كان يسمى بفولتا العليا التي هي بوركينا فاسو وساحل العاج .. هذه كانت كلها دولة واحدة هي فولتا العليا ، وفولتا السفلى .. جاء الاستعمار وقسمها .. عمل دولة سماها ساحل العاج (كوت ديفوار) وعمل دولة أخرى سماها فولتا العليا .. وأخيراً أصحابها سموها بوركينا فاسو .. والسكان الذين كانوا في دولة واحدة ، انقسموا إلى قسمين ، فبعض منهم بقي في هذا المكان ، وبعض منهم أصبح تبع ساحل العاج .. يعني سكان شمال ساحل العاج الآن سببوا مشكلا لأنهم الآن في ساحل العاج.

هكذا جعل التقسيم الاستعماري حدوداً وراءهم وبينهم وبين دولتهم التي هي فولتا العليا أو بوركينا فاسو.

لكن ساحل العاج التي هي فولتا السفلى سابقاً إلى عند الآن ترفضهم وتقول لهم أنتم لستم سكاناً أصليين ، أنتم تتبعون بوركينا فاسو ، لكن الاستعمار هو الذي عمل هذا.

ومن هنا حصلت الأزمة التي ما زالت موجودة في ساحل العاج وسببها الاستعمار الذي عمل هذه الحدود.

بعد ذلك الصراع في البحيرات العظمى هو الآخر صراع استعماري وصراع قبلي ، لأن الاستعمار عمل رواندا وعمل بوروندي وعمل الكونغو وقبائل التوتسي والهوتو وعمل صراعاً بينهم.

الاستعمار وراء هذا الصراع.

والصراع الذي عملوه في الكونغو والتصفية الجسدية لـ ” لومبا ” والصراع على الماس والصراع على الخامات في الكونغو والصراع على يورانيوم الكونغو حتى يصنعوا القنبلة الذرية التي ضربوا بها اليابان ، سببه هذا الاستعمار الذي خلق هذه المشاكل.

نفس الشيء الصراع في الصومال من ورائه الاستعمار الذي عمل الصومال الإيطالي والصومال الإنجليزي .. لماذا لم يتركوه صومالا واحداً .. هو أصله صومال ، ولماذا بعد ذلك يصبح صومالا إيطالياً وصومالا إنجليزياً ؟.

لأن الطليان استعمروا الشمال والإنجليز استعمروا الجنوب ، ورواسب ذلك ، ما زالت موجودة، وما زالت هناك مشاكل كثيرة في العالم.

ولو نلقي نظرة على الخريطة نجد غامبيا حاجة غير معقولة .. يوجد نهر في وسط السنغال اسمه نهر غامبيا ، احتله الإنجليز وأقاموا فيه دولة وعلّموا أصحاب النهر اللغة الإنجليزية وأعطوه الاستقلال وأصبح دولة .. والآن هذه دولة غامبيا تحيط بها السنغال من جميع الجهات .. والفرنسيون استعمروا السنغال.

فالرد على السؤال أن هناك قوات أممية ما يكفي في إفريقيا ، ونحن تبع الاتحاد الإفريقي ، وعندما يقرر الاتحاد الإفريقي أن تذهب قوات منه أو من هذه الدولة ومن تلك الدولة إلى هذا المكان فنحن جاهزون ، لكن الأمور ليست هكذا أن تذهب قوات حتى يحل السلام .. المشكلة أكبر من هذا.

المشكلة تحتاج إلى اندماج إفريقي وعودة اللحمة الاجتماعية الإفريقية والقضاء على آثار الاستعمار ، وأن يقوم اتحاد إفريقي واحد أو ولايات إفريقية متحدة لا يهم سواء كان عددها خمسين أو حتى ألف ولاية ، داخل إطار سياسي واحد ، فهنا تنحل المشكلة.

ونحن نكافح على هذا الصعيد لتكوين اتحاد إفريقي حقيقي قوي ، أما إرسال أو ما إرسال قوات فليست هي المشكلة ،والقوات تحتاج إلى تمويل ، والتمويل ترفض الأمم المتحدة أن تعطيه ، إلا إذا كانت هذه القوات تتبع الأمم المتحدة أو ترتدي القبعات الزرقاء التي سمعتها سيئة وترفضها بعض الدول مثلما يرفضها السودان الآن في دارفور.

ويقولون لا نقبل القبعات الزرقاء ، ولا نترك أرضي تحت القوات الأممية ، لأن القوات الأممية تعني توسيع صلاحياتها أو أن أمريكا هي التي وسعت لها صلاحياتها بحيث أصبحت تستطيع أن تلقي القبض وتحاكم وتتدخل.

معنى ذلك أن هذا استعمار يؤدي إلى صراع آخر.

فمسألة إرسال القوات إلى هنا أو هناك ، مسألة شائكة جداً.

وشكراً.

– مداخلة / أود أن أسأل سؤالاً ثانيا :

الأخ القائد ، أنا اسمي طارق وأنا تونسي من إكسفورد .. سؤالي حول فكرة الوحدة وفكرة التعامل مع الديمقراطية، الآن يبدو أن هناك مشاكل فيما يتعلق بالديمقراطية وهناك مشاكل فيما يتعلق بأزمة الصحراء .. أليس هو الوقت المناسب الآن لأن يتغلب القادة على هذه الأزمات ، وبمعنى آخر ، متى يمكن أن تكون هناك مشروعات قومية ، ومتى يمكن أن نرى أسواقا متحدة ويمكن أن نتغلب على البيروقراطية في هذا الشأن ؟

القائد : يا ليت يفهم القادة ويهديهم الله وأن يسمعوا كلامك هذا.

أنا مثلك أمنياتي مثل أمنياتك أنت ، ولهذا أدعو دائماً إلى قيام سلطة الشعب ، يعني سلطة الشعب ، الشعب يحكم نفسه بنفسه بدون حاكم بدون حكومة ، لأنه لا توجد كراهية أوعداوة بين الشعب الجزائري مثلا والشعب المغربي ، هم إخوة وشعب واحد ، لكن توجد مواقف متباينة سياسية بين الحكام.

ما دام هناك حكام إذن السياسة ما زال الحكام مسؤولين عنها .. نحن نتمنى أن تتحقق سلطة الشعوب في كل مكان في العالم حتى يتحقق السلام الأبدي والحقيقي.

الشعوب لا تكره بعضها ولا تغزو بعضها .. الغزاة هم الحكام والجيوش النظامية والفاتحون هم الذين يقومون بالغزو ويهددون السلام العالمي.

يعنى نحن نسمع عن هولاكو وتيمورلنك وجنكيزخان وقورش وقمبيز وهتلر ونابليون وموسوليني وبوش وغيرهم .. نسمع عن أشخاص هم الذين غزوا العالم ، هذا صحيح ، لأنهم هم الحكام وعندهم جيوش ، لكن الشعوب نفسها لم تغزُ ، يعني لا نقول الشعب المنغولي أو الشعب الألماني.

فالشعب الألماني هاهو موجود الآن مسالم بدون هتلر ، لكن عندما كان هتلر موجوداً أعلن الحرب ضد أوروبا ضد العالم ، لأن هتلر هكذا نظرته.

نابليون ليس معناها أن فرنسا دولة عدوانية ، هاهي فرنسا دولة مسالمة ، لكن أيام نابليون فرنسا كانت تحتل هذه الأقطار.

أنا شخصياً الآن موجود هنا لا أؤمن بالفتوحات التي يسمونها الفتوحات العربية والإسلامية ، نعتبرها استعماراً لأوروبا ، إن العرب احتلوا صقلية 300 سنة واحتلوا شبه جزيرة إيبيريا 800 سنة.

لم يتركوا فيها ولا مسلماً .. إذا كان هذا فتحاً إسلامياً فلماذا لم تكن هذه المناطق إسلامية الآن .. هذا ليس فتحاً .. هذا غزو واستعمار.

من أمر بها ؟ ، أمر بها الحكام الذين يريدون ما ملكت أيمانهم يعني الجواري والغنائم والثروات ، وحصلوا على هذه الأشياء .. والآن الانتخابات والحزب الجمهوري لكي ينجح هذا الرئيس لكي ينجح والحصول على البترول ، وهذه كلها مطامع أفراد وليست للشعوب.

مداخلة : وفقاً لقراءتكم الخاصة بالاتحاد الإفريقي ، هل يكون من المناسب أن يتدخل الاتحاد الإفريقي عسكرياً في السودان دون موافقة كاملة من كافة الشعب السوداني ؟

– الأخ القائد : بالنسبة لدارفور يعني أنا لدي دائماً آراء جريئة في قضايا يعالجها الناس دبلوماسياً ، ولكن أنا يمكن أن أعالجها اجتماعياً أو نفسياً .، لأنني لست دبلوماسياً ولست سياسياً .، أنا قائد ثورة ، وأنا مصلح اجتماعي ، وأنا من هذا النوع رغم أنني بذلت جهداً فعلاً في دارفور ، والمئات من شيوخ وسلاطين وأهالي دارفور أتوا إليّ وتناقشت معهم ، وحاولنا أن نحل المشكلة.

لكن ما دام هناك إغاثة دولية في دارفور أو في غيرها ، ما دام هناك نزاع ، هناك مشكل في دارفور ، هناك لاجئون ، هناك ناس تخرج من قراها وتذهب تلتجئ إلى معسكرات لاجئين ، ويقولون لهم : إن إمدادات ستأتيكم ويأتيكم الدقيق ويأتيكم الأرز وتأتيكم المعلبات ويأتيكم الحليب.

فهذا لن ينهي الصراع ، ما دام المشكل سيأتي لنا بالتموين ، لماذا لا نستمر حتى تأتينا الأغذية المعلبة.

نحن هنا في ليبيا فتحنا ميناء بنغازي كجسر عبور للإمدادات ، إمدادات الإغاثة الدولية حتى تذهب إلى دارفور عبر الأراضي الليبية ومن مطار الكفرة إلى دارفور ، لأن دارفور على حدود ليبيا.

الناس عندما سمعوا بأن هناك جسراً مفتوحاً سيأتي بالإمدادات عبر ليبيا قالوا لهم لماذا توقفون النزاع ؟ .. أحدثوا أي مشكل واخرجوا حتى في الليل من قراكم وتعالوا في الصباح لمعسكرات اللاجئين واستلموا التموين ، وفي الليل ارجعوا بها إلى أهلـكم في القرى.

وهذا الذي حدث ليس في دارفور فقط ، هناك مشاكل كثيرة لأنه ما دام الصراع سيأتي لنا بقوات دولية هناك أيضاً خدمة أخرى أن القوات الدولية سنعيش معها ونخدم معها وفي نفس الوقت هي شرطي يحمينا.

الأزمة عندما تدول ، زعماء التمرد السياسيون والعسكريون تصبح لهم أسماء لامعة ويتحدثون ويسمعهم العالم ويصبحون زعماء كأنهم يدافعون عن قضية أناس مضطهدين ومهمشين ومظلومين.

هذا أيضاً يغريهم بأن يزيدوا حتى لا يُحل المشكل .. لأنه إذا حُل المشكل يمكن أن تختفي هذه الوجوه.
وبالتالي أنا رأيي في مشكل مثل مشكل دارفور وما يشبهها أن يترك أهل دارفور لحالهم .. السودان نتركها لحالها ، وسوف تحل مشكلتها ، وهو ليس مشكلاً خطيراً ، لأن الذي جعله خطيراً ومعقداً هو التدخلات الأخرى ، تدخل العالم.

يقال أحياناً إن هناك صراعاً بين الصين وأمريكا على دارفور لأن فيها بترولاً .. إذن الصراع ليس مسؤولاً عنه قادة الصراع في دارفور، إذن توجد قوة دولية هي التي تخلق الصراع .. إذن هو صراع استعماري .. ماذا سنعمل ؟.

هذه إحدى المقولات بأن الصراع في دارفور يتأجج ويتعقد ويتصاعد بسبب مطامع دولية على البترول في السودان أو في دارفور .. يعني أصبحت منطقة صراع للنفوذ بين الصين وأمريكا مثلاً.

إذا كان هذا صحيحاً إذن هؤلاء هم المسؤولون ، اللاعبون الكبار هم المسؤولون عن هذه الأزمة … ماذا سنعمل نحن فيها ؟.

إذا كانت ضدك الصين وضدك أمريكا وتعمل في هذه المنطقة ، ماذا نعمل نحن بقواتنا .. وسنرسل قوات إلى من ؟.

وإذا كانوا هم مقررين أن يلعبوا هذه اللعبة حتى يربح واحد منهم.

مداخلة من المذيع : فخامة الأخ القائد ، نحن نود أن نتقدم قليلاً في هذه المحاضرة للتعليق على قضايا أخرى .. عندنا اهتمام كبير من مستمع للـ “بي بي سي” ومن مشاهدي الـ “بي بي سي” وأيضاً من الحضور هنا في جامعة إكسفورد وأتمنى أن يسمح وقتكم أيها الأخ القائد للإجابة عنها.

سوف نتحدث عن موضوع آخر .. يقول أحد الحاضرين هنا في جامعة إكسفورد.

سؤال جديد فخامة الأخ القائد.

الأخ القائد ، نتحدث وتحدثتم عن حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي .. سؤالي هو : ماذا تفكرون .. كيف ترون أن ذلك يمكن أن يتحقق ؟.

– الأخ القائد:

شكراً ، نعم هذا الصراع ـ الحقيقة ـ صراع مزمن ومَرضَ ، وأصبح مرضاً مزمناً للعالم ، وهذا يعني أمرض جسد العالم كله.

ما يُسمى بمشكلة فلسطين هو سبب حتى للعداوة الموجودة بين العرب وبين أمريكا ، بعد أن انحازت أمريكا إلى جانب الإسرائيليين وكل المحاولات العسكرية وغير العسكرية السلمية فشلت لحل هذا الصراع ، الذي الآن اللاعبون الحاليون لا يركن إليهم فيه لأن القضية لا تهمهم.

فعلاً أنا أعرف أن أحد رؤساء جمهورية إيطاليا السابقين قال : نحن نبحث عن حل مؤقت في عهدنا الآن ، أما بعد كم سنة بعدنا فلتذهب المنطقة إلى الجحيم ، ولسنا مسؤولين عنها .. اعملوا لنا حلاً الآن ، معناه نأخذ مسكنات للمرض.

وهذا شيء خطر، إذا كان الطبيب بدل أن يقضي على المرض ويستأصله نهائياً يعطي مسكَّناً والمسكَّن هذا خطر ويجعلنا لا نحس بالألم ، ولكن المرض مستمر في تدمير الجسد.

اللاعبون الحاليون مثلما قلت تهمهم قضاياهم ولا تهمهم هذه القضية .. واحد يقول أنا أريد السلام في هذه الفترة لأسباب تجارية تخصني أو لأسباب أمنية تخصني.

بعض اللاعبين في المنطقة ، يريد أن يثبّت نفسه في الحكم ويقول لك أنا أحاول حل هذه المشكلة لكي يقولوا إنني جيد ، وأن هذا عنصر مفيد وثبتوه في الحكم ولا تتركوه يسقط ، ويمكن أن نستفيد منه ..

فيبقى هو لمصلحة نفسه وليس من أجل القضية.

وتجد من يقول لك لا بد من أن نشجع الناس لكي ينتخبوه ويعاد انتخابه مرة ثانية ويستمر ، وهذا مفيد لنا .. وآخر لكي يحموه .. وواحد يقول إنه يرضي الأمريكان وآخر يرضي الإسرائيليين وواحد يرضي الرأي العام الداخلي ، ولكي لا يثور عليه شعبه ، ويقول له كيف أنت تخليت عن هذه القضية ولم تعمل فيها شيئاً وهو يقول أنا أبذل جهداً ، وأنا أعمل كذا وكذا لكي يبقى .. إذن هذه كلها أسباب أنانية .. أسباب شخصية.

مثلا الرئيس الأمريكي ، أي رئيس أمريكي ، ونتكلم عن الرئيس الحالي لما يتناول هذه القضية بالذات يتناولها من أجل الانتخابات لكي ينتخبوه مرة ثانية ، إذا كان ما زال لديه فرصة ، إذا لم تكن لديه فرصة مثل الرئيس الحالي فيقول من أجل حزبه ، لأن الحزب الجمهوري يقول هذا حل مشكلة في الشرق الأوسط يجب أن يعطيه الأمريكان أصواتهم.

إذن هي من أجل مصلحة الحزب وليس لمصلحة الشرق الأوسط أو لمصلحة الإسرائيليين أو الفلسطينيين ، وهكذا كل واحد يستغلها .. ابتزاز ، يعني عملية ابتزاز (بلاك ميل) .. هذه هي مشكلة اللاعبين الحاليين.

أنا لست من اللاعبين المعنيين الذين عندهم مصلحة في الحل .. لا أريد أن أتملق أمريكا أو الإسرائيليين أو الفلسطينيين أو العرب أو غيرهم .. ليست لي علاقة بهذا ، لا هم سيعيدون انتخابي ولا من أجل حزبي أو دعاية لنفسي.

أنا بعد أن درست هذه القضية وعشتها عملت هذه الورقة الكتاب الأبيض بعنوان ” إسراطين” يعني إسرائيل وفلسطين .. إسراطين .. هذا الحل الموجود في هذا الكتاب مقنع جداً ، لأنه خلاصة آراء ووجهات نظر كل الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية.

هناك قادة صهاينة وعسكريون ومن الذين أسسوا ما يسمى بدولة إسرائيل وقاتلوا من أجلها ، لهم رأي في أن الوضع الموجود الآن خطر وليس هو الحل.

الفلسطينيون نفس الشيء عندهم هذا الرأي .. قوى دولية أخرى عندها هذه الرؤية.

الحل النهائي ، الجذري والتاريخي وهو الصحيح هو إقامة دولة واحدة للفلسطينيين والإسرائيليين ، دولة ديمقراطية تشرف على تكوينها الأمم المتحدة في البداية ، وتكون الانتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة .. ينجح إسرائيلي ، أو ينجح فلسطيني هذا غير مهم .. يجب أن نستبعد العنصرية أن هذا عربي وهذا إسرائيلي ، لأنهم في النهاية كلهم ساميون.

يعني ، العرب ساميون والإسرائيليون ساميون وهم كلهم أبناء عمومة في الأصل ..

والإسرائيليون لا يوجد عندهم مكان يذهبون إليه في العالم ، هم مطرودون من جميع أنحاء العالم.

إذن إذا اختاروا أن يعيشوا في هذا المكان إلى الأبد لابد أن يعيشوا في سلام وينسجموا مع هذا ولا يكونوا قوة عدوانية .. لن تحميهم أمريكا دائما … لن يحميهم أي واحد دائما ، يمكن في يوم ما ، يجدون أنفسهم في العراء .. في يوم ما ، سيجد الإسرائيليون أنفسهم في العراء ، وسيجدون أنفسهم في يوم ما بدون شجرة أمريكية يستظلون بظلها أو غيرها.

إذن هم من مصلحتهم أن ينسجموا ويندمجوا ويقبلوا الطرف الآخر .. والطرف الآخر متى يقبلهم ؟ عندما تكون دولة واحدة.

أما دولة إسرائيلية نقية بدينها وبلغتها وبعرقها فهذه نظرية .. هذه نظرة الحرس القديم يعني هذه نظرة رجعية تعصبية لن تحل المشكل ، مثل الذي يأتي في وسط البحر ويأخذ طوبة من تراب ويمسكها حتى لا تُبل .. مستحيلة !

لأن هذه الدولة في بحر عربي كيف ستعيش نقية ؟ هي الآن فيها مليون فلسطيني سيصبحون مليونين وسيصبحون ثلاثة ملايين ، إذن هي مقضي عليها من ناحية النقاوة لن تبقى نقية دائماً.

بعد ذلك إذا قامت دولة فلسطينية في الضفة الغربية يعني عمق ما يسمى بإسرائيل فستكون 14 كيلومتراً عن البحر وأي عمليات عسكرية في المستقبل ستشطرها شطرين بسهولة ، من أول عملية سينشطر ما يسمى بإسرائيل إلى شطرين.

وهذا لا أقوله أنا فقط ، هذا قاله قادة الصهاينة الذين أسسوا ما يسمى بإسرائيل ، هم الذين رأوا أنهم أسسوا دولة ولكنها على فوهة مدفع وعلى بركان ولن تعيش ، وبالتالي هم يقولون هذا ليس حلاً ، وإن الذي عملناه عام 48 ليس حلاً.

والخطأ يا أبنائي هو أن الطرفين يتنازعان على قطعة الأرض التي هي فلسطين ، واحد منهما يعلن الاستيلاء عليها ويعلن دولته من طرف واحد ، وهذا الخطأ.

وهذا سبب عدم اعتراف العرب بها ، لأنه باطل أن يعلن طرف واحد دولته على كل الأرض ويسميها باسمه .. لا يجوز .. لأن هذين طرفان .. إما أن يتفق الطرفان ، أو تبقى محل نزاع .. وهذا الذي حصل.

مثلاً عندما أعلنت تركيا جمهورية دنكتاش أو قبرص التركية لم يعترف بها أحد أبداً إلا تركيا .. لماذا ؟ لأن طرفاً واحداً أعلن قيام دولة في قبرص ، وقبرص هذه لكل القبارصة .. فلسطين لكل الفلسطينيين سواء أكانوا فلسطينيين أم إسرائيليين يهوداً أم مسلمين عرباً أم إسرائيليين ، لهم كلهم.

وبالتالي لا يصح لواحد منهم أنه يعلن دولة من طرف واحد .. هذا سبب عدم الاعتراف بها ، لأن هذا الإعلان باطل.

إذن هذه الأرض غير قابلة للتقسيم لأن الأرض بين النهر والبحر ضيقة جدا لا تحتمل قيام دولتين.
اليهود في العالم 12 مليوناً .. افرض أن 12 مليوناً سيعودون إلى ما يسمى بإسرائيل الآن .. والفلسطينيون عندهم خمسة ملايين في الشتات سيعود الخمسة ملايين ، سيصبح الفلسطينيون خمسة ملايين ستة ملايين سبعة ملايين ، معقولة يعني أن الدولتين في هذه القطعة الصغيرة ، وسيعيش فيها الملايين .. غير ممكن.

هي إسراطين قائمة الآن ، الضفة الغربية هذه خليط من المستوطنات الإسرائيلية والمدن الفلسطينية ، مختلطون مع بعضهم يعيشون الآن جنباً إلى جنب في الضفة الغربية وفي قطاع غزة وفيما يسمى بإسرائيل التي قامت عام 48 التي يوجد فيها مثلما قلنا مليون فلسطيني ، يحملون الجنسية الإسرائيلية ويعيشون في أمان مع بعضهم هم واليهود هم والإسرائيليون.

العمال الفلسطينيون هم الذين يسيرون المصانع الإسرائيلية الآن .. عمال من الضفة الغربية وقطاع غزة هم الذين يشتغلون في (48) فيما يسمى بإسرائيل ، هم معتمدون على بعضهم كل الاعتماد في السلع وفي الخدمات وفي الأمن ، وحتى هم أقرب إلى بعضهم منا نحن الآخرين .. الحل هو قيام دولة واحدة لهؤلاء الناس ، ولابد أن نسقط الثقافة العنصرية هذه الدينية واللغوية والعرقية.

وهذه الثقافة متمسك بها الحرس القديم ، لكن الشباب الجديد الفلسطيني والإسرائيلي يريدون دولة واحدة ويريدون السلام ويريدون السياحة ويريدون التجارة ، هذا الذي يريدونه.

وهذا الذي قدمه الكتاب الأبيض ، وهذا الكتاب الأبيض هو الحل.

أنا متأكد أن هذا هو الذي سيفرض نفسه .. أما اللاعبون الموجودون الآن فهؤلاء مصالح أنانية ويكذبون على الناس ويخدعونهم .. أنا لا أخدع الناس.

شكراً.

– مداخلة : فخامة الأخ القائد ، حدثنا بشكل واضح عن هذا الأمر .. ماذا يمكن أن تقول في سؤال بشأن مصر والأردن وقد أقامتا علاقات دبلوماسية مع إسرائيل … ياسر عرفات أقام علاقات مع إسرائيل باسم الفسطينيين ، ليس بينكم وبين إسرائيل أي مشكلات ، لماذا لا تكون هناك علاقات دبلوماسية بين ليبيا وإسرائيل كما فعلت دول عربية ؟.

– الأخ القائد : هو نحن ماذا كنا نحكي .. هي ليست مسألة علاقات .. هي مسألة حل قضية .. هي مسألة حل مشكل.

نحن بدل ما نقول متى نحل المشكل نقول متى تعترف .. متى يُحل المشكل ؟ .. أمامنا أولا مشكل .. لا تقل لي هذا لحم شاة نيئ ، لماذا لا تأكل .. قل له لماذا لا تطبخه .. لماذا لا تشويه.

تقول لي أولاً لماذا لا تأكل .. الأكل هذا بعد الطبخ وبعد الشواء .. لماذا لم تأكل .. اشوهِ قبل .. أطبخه قبل .. لماذا لا تعترف ، نحل المشكلة قبل … والمشكل لم يُحل.

الآن يجب أن نقول متى يُحل المشكل ، وليس متى تعترف .. ألم يبق غير الاعتراف !! .. هو المشكل لم يُحل ، هذا هو السؤال.

إذا حُلّ المشكل نسأل عن الاعتراف .. لكن المشكل لم يُحل كيف نسأل عن الاعتراف.
شكراً.

أنا ممنون منكم وشكراً لكم ولجامعة إكسفورد ولاتحاد الطلبة ولأبنائي الطلبة والمترجم والمذيع ولهؤلاء كلهم.

وأشكركم وأنا على استعداد في أوقات أخرى إن شاء الله عندما يكون لديّ وقت لأن ألتقي بكم في مثل هذا اللقاء.

– مداخلة / سؤال من إحدى الحاضرات هنا في جامعة أوكسفورد ، وكانت تقول إن لكم نظرة سياسية ونظرة ثاقبة.. هل من نصيحة يمكن أن توجهوها إلى القادة في إيران وفي أمريكا للتعامل مع المشكلة بينهما؟

إذا كان برنامج إيران برنامجاً سلمياً لاستخدام الذرة لأغراض سلمية فلماذا يعترضون عليه ، وليس هناك حق لأحد في الاعتراض عليه ..

هذه هي المسألة ، مسألة الحيلولة دون امتلاك السلاح النووي أو الحيلولة دون الاستفادة من الذرة بالنسبة لدول العالم الثالث ، لأن إيران تقول إن حرمانها من فوائد الطاقة النووية للأغراض السلمية هو حرمان لدول العالم الثالث أو الدول المتخلفة أو الدول النامية.

كيف تحرموننا من تفريت اليورانيوم للأسباب السلمية .. يعني محرم عليهم تفريت اليورانيوم .. إذا كان لأسباب سلمية ، إذا كان هكذا فليس لأحد الحق في أن يعترض على البرنامج الإيراني.

إذا كان برنامجاً حربياً فيه قولان: أولا إيران تستطيع أن تقول لك، إذا كل الدول دمرت أسلحتها النووية وألغت برامجها ، وليس ليبيا فقط ، فأنا مستعدة لأن أدمر برنامجي النووي.

إذا كانت صناعة القنابل الذرية مستمرة ، وفي الشرق الأوسط ترسانة في ديمونة من أسلحة الدمار الشامل قريبة من إيران ، وباكستان لديها قنابل ذرية ، والهند عندها قنابل ذرية ، والصين عندها قنابل ذرية ، وروسيا عندها قنابل ذرية ، وكلها حول إيران .. تقول لك كيف تحرمونني أنا من أن أملك هذا السلاح ، وشعوب كثيرة تقول لماذا ، حتى العرب.

يمكن مصر تقول عندما سمحتم للإسرائيليين بصناعة قنبلة نووية وصواريخ نووية ويمكن أن إيران ستعمل ، لماذا أنا ليس لدي الحق ، أو سوريا تقول أنا لدي الحق في ذلك.

يعني هذا فيه قولان: إذا كان هو أسلحة الدمار الشامل ، إذا كان هو صناعة سلاح حتى إيران مرات تحاجج العالم بهذا وتقول دمروا كل السلاح النووي، كل البرامج النووية الحربية ، وأنا أدمر معكم ، لو برنامجها حربي .. لكنها إلى حد الآن لا تقول هذا .. تقول برنامجي سلمي ، وليس لكم الحق في أن تمنعوني.

شكرا لكم وأنهي المحاضرة بهذا السؤال.

– مداخلة: مذيع قناة BBC / فخامة الأخ القائد ، بالنيابة عن كل الحضور هنا في جامعة إكسفورد أشكرك على وقتك وأشكرك على إسهامك وأشكرك على إجاباتك.