كلمة القائد حول الهجرة والتنمية
كلمة الأخ القائد معمر القذافي في المؤتمر الوزاري إفريقيا الاتحاد الأوروبي حول الهجرة والتنمية
بســم الله
أرحب بكم في ليبيا، وأحيي هذا الوجود الدولي على مستوى الاتحادين، الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي، هذا الوجود على هذا المستوى القاريّ يدل على الشعور بالمسؤولية تجاه مواطني هذين الاتحادين من قبل الحكومات والقوى الفاعلة الأخرى، حيث يلتئم هذا الملتقى من أجل الهجرة والتنمية .
وبالإضافة إلى أنه شعور بالمسؤولية واهتمام بمواطني هذين الاتحادين هو أيضا إدراك لتنامي هذه الظاهرة، وأنها فرضت نفسها بشكل جعل المنزعجين والمهتمين يفكرون كيف يواجهون هذه الظاهرة .
لا أريد أن أطيل، وفي نفس الوقت لا أريد أن أجترّ ما قلتموه اليوم وما قيل عن هذه الظاهرة في منابر أخرى ومواقع أخرى، يعني هذه الظاهرة سُلِّط عليها الضوء وأُشبعت دراسةً وتمحيصاً، ولكن باختصار: أولا أريد أن أتكلم من حيث الثوابت الإنسانية والطبيعية، من حيث المبادئ، من حيث حياة البشر وطبيعتها .
عندما نعمل ضد الطبيعة نجذِّف ضد التيار ، والذي يجذف ضد التيار يفشل، والعديد من قضايا العالم الآن يجري التجديْف فيها ضد التيار ، وبالتالي الفشل يصاحب الأغلبية الساحقة من قضايا العالم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية ، لأن هناك تجاهلاً للقواعد الطبيعية .
أولا من حيث الطبيعة، الأرض ملك للجميع، الله خلق الأرض لكل البشر، ويقول هاجروا فيها، بالنسبة لنا نحن المطلعين على كتاب سماوي اسمه القرآن- الذي يؤمن به والذي لا يؤمن به ، هذا شيء ثان – الله يقول في هذا الكتاب: هاجروا في هذه الأرض، يعني يأمر بالهجرة في الأرض أينما تريد، يعني اعترافا بأن هذه الأرض لكل البشر ومن حقهم أن يتحركوا فيها لكي يعيشوا، لكل الأسباب أو لبعضها يحق لك أن تهاجر في الأرض لأن الله خلق هذه الأرض لكل البشر .
هذه حقيقة يجب أن نقف عندها ونؤمن بها، وهي أن الأرض ملك لنا جميعا، ومن حق البشر أن يهاجروا في هذه الأرض ويعيشوا في هذه الأرض كون الآن موجودة حدود سياسية وموجودة أوراق رسمية وما إليها ، هذه أشياء استحدثت ، ولكن الطبيعة لا تعترف بهذا .
وهذه الأشياء التي استحْدثت هي التي رأيتم كيف خلقت مشاكل وحروبا على الحدود وحروبا بين الدول، وأحيانا من أجل شبر من الأرض يموت المئات أو الآلاف من الناس في حرب بين بلدين، ورأيتم المشكلة التي أنتم غارقون فيها الآن وتعانون منها وهي مشكلة مواجهة حركة البشر فوق الأرض ” ما يسمى بالهجرة ” والسبب لأننا خلقنا حدودا وخلقنا هوية لكل مجموعة من البشر ، وخلقنا أوراقا رسمية، نحن خلقناها، وهذه كلها أشياء اصطناعية ضد الطبيعة .
الطبيعة هي أن البشر يتحرك في الأرض بحيث يعيش ويبحث عن عيشته في أي مكان . الآن من هم سكان أوروبا، هم مهاجرون من آسيا، أوروبا لم يكن فيها سكان ، ولو كانت الهجرة ممنوعة لكانت أوروبا الآن خالية… كل سكان أوروبا هم مهاجرون من آسيا، من هم سكان أمريكا ، سواء كانت أمريكا الجنوبية أوالشمالية، هم مهاجرون من القارات الأخرى… أمريكا الشمالية هم مهاجرون من أوروبا ، وحتى أمريكا الجنوبية هم هاجروا من شبه جزيرة إيبيريا ومن إفريقيا ومن مناطق أخرى، هذه حقيقة ثانية .
نحن هنا في شمال إفريقيا في الأصل مهاجرون .. نحن أتينا من الجزيرة العربية منذ ألف سنة، وبعضنا جاء منذ خمسة آلاف سنة، ما يسمى بالعرب البربر أو الأمازيغ هم عرب وهاجروا من الجزيرة العربية من خمسة آلاف سنة، والعرب الذين جاؤوا مع الإسلام هم الذين لهم ألف سنة، هذه هي التي خلقت هذه الشعوب الموجودة الآن في شمال إفريقيا .
الآن العالم يتكلم عن السكان الأصليين، وحقوق السكان الأصليين وإبادة السكان الأصليين .. ما معنى هذا ؟ معناه يوجد مهاجرون جاؤوا إلى هذه الأرض وسادوا فيها إلى درجة أن أبادوا السكان الأصليين أو اندثر السكان الأصليون أو تقلص عدد السكان الأصليين أو أصبحوا الآن مضطهدين إلى درجة أن هناك الآن مطالبة دولية بحقوق السكان الأصليين .
عندما نقول : السكان الأصليون معناه هناك مهاجرون جاؤوا واستقروا سواء في أستراليا أو في الأمريكتين أو في إفريقيا أو في أجزاء من آسيا.
سكان أستراليا الموجودون الآن في أستراليا، هل هم سكان أستراليا ؟ أبداً هذه هجرة.أين السكان الأصليون في أستراليا ؟ عددهم قليل أو اضطهدوا أو انقرضوا أو أبيدوا .
أين السكان الأصليون لأمريكا؟ هم ما يسمى بالهنود الحمر، هم انقرضوا قتلوا أبيدوا. إذا كنا سنلغي الهجرة، لنلغ إذن حتى الوجود البشري الموجود الآن في القارات ، كل واحد يرجع إلى الأرض التي أتى منها، الأمريكان يرجعون إلى أوروبا، والأوروبيون يرجعون إلى آسيا، والعرب في شمال إفريقيا يرجعون إلى الجزيرة العربية، وسكان أستراليا يرجعون إلى بريطانيا أو إلى هولندا أو إلى أي بلد، وقبائل اللبوير الموجودة في جنوب إفريقيا والموجودة جزء لا يتجزأ من الشعب الأسود، يجب أن يرجعوا إلى هولندا .
هذه حقائق ، لكن عندما يتكلم الوزراء والخبراء لا يتكلمون عن هذه الحقائق المزعجة والدامغة والخطيرة، ويتم تجاهلها ونتكلم عن تفرعات هذه الشجرة ونحاول أن نقضي على الشجرة بقطف تفرعاتها وأوراقها وأغصانها ، وهذه محاولة فاشلة .
لماذا تم نقل السود بالملايين من إفريقيا إلى قارة أوروبا وقارة أمريكا ؟! ولماذا الآن يتم صدهم ؟! هذا كيل بمكيالين .. عندما كانت هناك حاجة إلى السود لكي يتم استخدامهم استخداما عضليا كالحيوانات ، لم يُقَل إن هؤلاء سكان هذه القارة يجب احترامهم ويبقون في قارتهم ، لا ، تم نقلهم وقالوا هذا شيء مشروع … يتم نقلهم بالسفن والذي لا ينفع عضلياً يُلقى به في البحر يأكله الحوت ، وتم إعمار أمريكا الشمالية وأوروبا بجهد السود . هذه هجرة قسرية… عندما كان مطلوباً التحرك من مكان إلى مكان لفائدة طرف آخر ، فُرضت الهجرة بالقوة وتم اصطياد البشر كالحيوانات في غابات إفريقيا ، والآن يقال لهذا الجنس نفسه – الجنس الأسود هؤلاء السود الأفارقة – أنتم أزعجتمونا وأنتم تهاجرون من إفريقيا إلى البلدان الأخرى ويجب أن يوقف هذا التدفق للبشر .
هؤلاء المساكين يقولون: لماذا نقلتم أجدادنا عندما كانت الحاجة وقلتم إن الهجرة مطلوبة وحتى أجبرتموهم على الهجرة ؟. هذه حقيقة… هذه الأشياء التي قلتها بطريقة ما، المواطن العادي حتى الأمي تعتمل في ضميره وفي ذهنه وماثلة عنده ، وهي تحركه نفسيا للقيام بالهجرة وعنده حوار بينه وبين نفسه: لماذا يمنعونني؟لماذا نقلوا أجدادي؟.
الهجرة كانت هي التي عمرت العالم … هذا الجنس هاجر، مَن هذا الجنس، السكان الأصليون ذابوا… جاء مهاجرون عمروا أستراليا، عمروا جزر المحيط الهادئ عمروا جزر المحيط الأطلسي، عمروا قارات العالم، هذا ما يقوله هذا الإفريقي المسكين الأمي الذي عنده هذه الأسئلة وهذه الإجابة هي التي تدفعه إلى الموت، إلى أن يركب قوارب الموت التي تتحدثون عنها .
” إن آخر عصر من عصور الرق كان استرقاق الجنس الأبيض للجنس الأسود، وهذا العصر سيظل ماثلا في ذهن الإنسان الأسود حتى يشعر بأنه قد رد اعتباره. إن هذا الحدث التاريخي المأساوي والشعور المؤلم به والبحث النفسي عن حالة الشعور بالرضى لرد الاعتبار لجنس بحاله، هي سبب نفسي لا يمكن تجاهله في حركة الجنس الأسود ليثأر لنفسه وليسود”. هذا جزء من مقولات في الكتاب الأخضر تتكلم عن الجنس الأسود، والبقية موجودة في الفصل الثالث من الكتاب الأخضر للذي يريد أن يطّلع عليها لكي لا أضيع عليكم الوقت .
إذن كون أن الأرض ملك للجميع، وكون أن الهجرة حصلت في الماضي، وأن الرق جاء بعد ذلك وكان غير معترض عليه بأن تنقل عبيدا من بلدانهم وأناسا من بلدانهم تستعملهم كعبيد وتستخدمهم ، وأن عصر الاستعمار جاء بعد ذلك… فإن هذه كلها عوامل سيكولوجية عوامل نفسية تعتمل في ذهن المواطن الإفريقي الذي يهاجر الآن والذي قائمة من أجله القيامة .
الاستعمار خلق ترسبات عند المواطن الإفريقي وغيره من الشعوب التي استعمرت ، مفادها أن الأرض فعلا ملك للجميع وأنه ليس هناك حدود وليس هناك شيء محرم تقف عنده مجموعة من البشر ولا تدخل تراب البشر الآخر .
فالمواطن في غابة إفريقيا في أعماق إفريقيا رأى البلجيكيين يأتون إليه ويستقرون ويملكون، والكونغو كلها أصبحت مُلكاً لملك بلجيكا “ليوبولد”.. زيمبابوي ، مالاوي، أو كما يسمون زامبيا، واحدة يسمونها روديسيا الشمالية وواحدة روديسيا الجنوبية .
وليبيا كانت الشاطئ الرابع لروما، وهذه خلقت عند المواطن الليبي أن إيطاليا وليبيا دولة واحدة، لماذا لا يذهب الليبي إلى إيطاليا ما دامت ليبيا الشاطئ الرابع لروما ؟! لماذا كان في ذلك الوقت مطلوباً أن تكون ليبيا الشاطئ الرابع لروما وتم حتى القتال من أجل تحقيق ذلك ، والآن يقال لا، أنت مهاجر شرعي أو غير شرعي أو غير مطلوب وأنت ليبي وأنت أجنبي، ألم تقل إن ليبيا الشاطئ الرابع لروما ؟ يعني في ذلك الوقت حلال لأنها في مصلحتك ، والآن حرام لأنها لمصلحتي؟!
وكانت فرنسا حتى عام 1965 بالأمس القريب تقول: إن الجزائر جزء لا يتجزأ من التراب الفرنسي .. فرنسا ملكت الجزائر 130 عاماً، من عام 1830 فرنسا استعمرت الجزائر وضمتها واعتبرتها جزءاً لا يتجزأ من التراب الفرنسي . ذلك أقنع الجزائريين بأنهم جزء من فرنسا، وفرنسا جزء منهم، وبالتالي هم يذهبون داخل بلدهم .. كيف يقال الآن للجزائري إنك أنت مهاجر، كيف مهاجر! أنت قلت لي إن الجزائر جزء من فرنسا، وعندما حاولت أن أكذِّب هذه المقولة قاتلتموني ودفع الجزائري مليونا ونصف المليون قتيل من أجل تكذيب هذه المقولة ، بينما فرنسا وأوروبا تصران على أن هذه المقولة صحيحة وهي أن الجزائر جزء لا يتجزأ من فرنسا ، إذن هذا المواطن الجزائري أقنعتموه أنتم في أوروبا بأنه أوروبي وأنه فرنسي … لماذا لا يذهب إلى فرنسا ؟!
الآن المغرب دولة مستقلة عضو في الجامعة العربية وفي المؤتمر الإسلامي وفي الأمم المتحدة ، يعني مختلطة هي وأسبانيا .. سبتة ومليلية هي أسبانيا وهي داخل المغرب .
كيف نقنع المواطن المغربي بأن أسبانيا ليست منه، هو يعتبر أسبانيا والمغرب تراباً واحداً، والدليل على ذلك سبتة ومليلية داخل المغرب وهما إسبانيتان، إذن كيف تقول لي إنك مهاجر وأنت غريب ؟ فليذهب إلى مدريد كأنه ذاهب إلى الرباط .. كيف هذا حلال وهذا حرام ؟!
هذا المواطن الإفريقي في عهد الاستعمار اقتنع بأن أوروبا وإفريقيا مندمجتان مع بعضهما، وأن ملك بلجيكا يمكن أن يملك الكونغو بأكملها، وما دام الكونغوليون هم ملكاً لملك بلجيكا ، إذن يذهبون إلى بلجيكا بحرية لملكهم ومالكهم، ويذهبون هناك إلى بلجيكا ويعملون في بلجيكا ويخدمون في بلجيكا كأنهم في الكونغو، والجزائري نفس الشيء والليبي يذهب إلى روما باعتبار بلاده الشاطئ الرابع لروما، والمواطنون من زامبيا ومن زيمبابوي ومن ملاوي، روديسيا قالوا هذه تابعة بريطانيا فليذهب إلى بريطانيا باعتباره داخل روديسيا سواء كان هنا أو هناك .
وفي يوم ما كانت قناة السويس إنجليزية، كيف المواطن المصري لا يذهب إلى بريطانيا ما دامت بريطانيا تملك داخل مصر، لماذا هو لا يذهب إلى بريطانيا حتى للعمل أو للإقامة، ما دامت قناة بكاملها ملكاً لبريطانيا داخل مصر؟ لماذا لا يكون مواطن مصري موجودا داخل بريطانيا؟ أيهما الأخطر القناة كلها التي اعتبرت أجنبية وموجودة داخل مصر وملكاً لبريطانيا ويجب الاعتراف بوجودها ، يعني بوجود بريطانيا داخل مصر الذي هو القنال ، وكيف لا يُعترف بمصري ذاهب إلى بريطانيا للعمل ؟!
وإلى غاية الآن هناك المندوب السامي للتاج البريطاني، أو أي تاج آخر في عدد من البلدان.. الهند درّة في التاج البريطاني، إذن المواطنون الهنود يذهبون بالملايين إلى بريطانيا لأنهم تحت التاج.. كيف يقال للمواطن الهندي أنت أجنبي وأنت هندي وأنت آسيوي وأنت مهاجر ؟!
ثم أشعلت أوروبا الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية ، وقُتل عشرات الملايين من الرجال في هاتين الحربين ، فكانت أوروبا في حاجة إلى الآيدي العاملة، للرجال، للعمال، فشجعت مجيء الآسيويين والأفارقة إلى أوروبا للتعويض عن هذا النقص في الـ ( مان باور ) .
هذه أيضا مرحلة مهمة جدا خلقت شعورا عند الإفريقي وعند الآسيوي، بأنه عند الحاجة تستطيع أن تمشي إلى أوروبا لأن أوروبا عندما احتاجت نقلتك، من بلادك إليها، عندما احتاجت إليك في الرق نقلتك، وعندما احتاجت إليك في الحرب نقلتك، وعندما احتاجت إليك في الاستعمار نقلتك، وعندما احتاجت إلى أن تستعمر بلادك جاءت عندك. هذه ترسبات تاريخية نفسية إذا تجاهلناها نكون جهلة نكون سطحيين، ثم ترتب على ذلك نهب ثروات إفريقيا… مناجم الذهب تم نهبها وأصبحت حفراً خاوية، والماس والنحاس والحديد والكوبالت والمنجنيز والفوسفات… كل الثروات تم نهبها ونقلت إلى الدول الاستعمارية القديمة .
هذا المواطن الآن بعد أن حصل على ما يسمى بالاستقلال ويريد أن يبني نفسه وجد ثرواته منهوبة، بدأ عنده شعور بأنه لا بد أن يذهب وراء هذه الثروات – يوجد مفكر كاتب فرنسي لا أتذكر اسمه الآن أكيد أنتم تعرفونه… قال مقولة مهمة جداً ، قال : إما أن تنقل الثروات إلى البشر أو يتم نقل البشر إلى المكان الذي فيه الثروات – .
هذا صحيح ، نقلت الثروات من إفريقيا إلى أوروبا، فالإفريقي يذهب وراء هذه الثروة… ثروة بلاده، يذهب لكي يعيش منها وهو غير قادر على استرجاعها الآن، ولكنه يعيش عاملا في المصانع التي قامت على خامات إفريقيا بلاده، ويشعر بأن الطرق والمستنقعات التي تم ردمها والأنهار التي شقت والسكك الحديدية التي أقيمت في قارتي أمريكا وأوروبا يشعر بأن أجداده هم الذين عملوها، هم الذين عملوا هذه الإنجازات، ومن حقه أن يأخذ شيئاً من المكافأة يعيش بها هناك .
هل نستطيع أن نرد خامات إفريقيا إليها ؟ إذا كنتم ستردونها ، فحسن، هذا أول قرار يُتخذ، قررنا رد ثروات إفريقيا إلى إفريقيا لأن المواطن الإفريقي ذهب وراء ثروته المنهوبة إلى أوروبا، في هذه الحالة ستتوقف الهجرة .
هذه من ضمن الأشياء التي ستوقف الهجرة… يرجع يجد الذهب رجع والماس رجع والخامات كلها رجعت والكولا التي منها البيبسي كولا والكيتي كولا والكوكولا والدوكولا ، هذه كلها يجدها رجعت .
والمانجا والأناناس والكاكاو والبن والباباي وكل التي معمول منها الشامبوات التي يغسلون بها أجسامهم في أوروبا ويغسلون بها شعرهم وهو محتاج إليها.. نعم رجعوا الأناناس وغيره ليأكله أطفال إفريقيا بدل ما تغسلون به أجسامكم في أوروبا ، أو كلنا نغسل به أجسامنا في أوروبا عندما نذهب إلى أوروبا ونغسل به شعر رؤوسنا، وهو مادة غذائية من الذي عملها، عملها القطاع الخاص الشركات الخاصة التي تبحث عن الربح ولو على حساب تعاسة الملايين، هذا القطاع الخاص الذي نسمع عنه دائما يشجّع، وهو الذي سرق غذاء الأطفال وحوله إلى شامبوات حتى يحصل مقابله على أموال، ويموت الأطفال من الجوع..؟ البيض والكاكاو والحليب والفواكه كلها تحولت إلى شامبوات .. الشامبو كلمة معروفة في العالم .
نأتي بعد ذلك إلى إجراءات أخرى موجودة الآن كلها في مصلحة الهجرة. أنتم مجتمعون الآن من أجل أن تواجهوا الهجرة وتردوها إلى الوراء ، لكن هناك الإجراءات السياسية الإدارية الموجودة الآن هي ضد هذا الاجتماع وتعمل لمصلحة الهجرة .
نأتي إلى ما يسمى ببرشلونة، مسيرة برشلونة.. ما دام شمال إفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا والبحر المتوسط مشمولة ببرشلونة ، إذن أنا مواطن تحت مظلة برشلونة من حقي أن أذهب إلى أوروبا .
ألم تقل برشلونة التعاون والقضاء على الفقر وحرية الحركة والتنقل والعمل، وأن نساعد بعضنا، ونعيش في سلام مع بعضنا، ونعمل برلمانا واحدا ونعمل تشريعات واحدة ونكون متماثلين في كل شيء، كيف متماثلون وأنت غني وأنا فقير؟! لا بد أن أكون غنيا مثلك، إذن اسمح لي بأن أشاركك في ثروتك، أنا مواطن في إفريقيا سأشاركك في الثروة، أنت غني في أوروبا وأنا فقير، سأشاركك .
برشلونة شجَّعت على هذا… كيف تعمل برشلونة وتشجِّع عليها ثم تتصدَّى للنتائج المترتبة على برشلونة؟! هذا التصرف وحتى هذا الاجتماع ، ضد برشلونة التي تعني الاندماج وأن نخرج إلى أوروبا بحرية وبالملايين… الغوا برشلونة… نعم، في هذه الحالة تقول أوروبا أوروبا ، وإفريقيا إفريقيا ، وبيننا بحر يفصل بيننا.
نعم، في هذه الحالة تكون عندي قناعة بأننا نحن اثنان ولسنا واحدا .. ولكن عندما تقول لي التعاون الأوروبي المتوسطي، ما معنى هذا، معناه أنت شملتني بأوروبا، الأوروبي المتوسطي، أنا هنا في ليبيا جزء من أوروبا، ببرشلونة أذهب إلى غاية اسكندنافيا.. إذا هذا غير مقبول، إذن حتى برشلونة تلغى، هذه متناقضات.
ثم هناك أطروحة أخرى وهي الجوار، والجوار الجديد الذي يطرحه الاتحاد الأوروبي… هذا شيء جميل مثل جمال برشلونة، نحن نرحب ببرشلونة ولكن إذا كنا نريد برشلونة فلنقبل نتائجها أيضا ولا تكن هي أيضا مثل الرق والاستعمار في المرحلة الماضية إذا كانت في مصلحتي فحلال وإذا كانت في مصلحتك أنت فحرام .
هذا شيء جميل، الجوار ودول الجوار، ما دامت الجزائر والمغرب وتونس ومصر والأردن هذه دول الجوار لأوروبا، (خلاص) ما داموا جيرانا،ً يعني الجار عنده حق على الجار، عندما يحتاج يذهب إليه ولا حدود بينهم، هذه ترتبت على الجوار يقول: لك أنا من دول الجوار أذهب إلى جيراني، من هم جيرانك، هم الأوروبيون الذين قبلوني كجار، ألم تقل الجوار، دول الجوار بالتحديد المغرب الجزائر تونس مصر إلى أن أصل في الشرق الأوسط، وأصل إلى الأردن هذه اسمها دول الجوار. إذن من حق هؤلاء الناس أن يذهبوا إلى جيرانهم… أنتم ضممتموهم… جوار… قلتم جوار لأوروبا.
وترتب على هذا كله، الجوار وبرشلونة والأوروبي المتوسطي، أنه يجعل الأفارقة الذين خارج هذه الدائرة يأتون إلى بلدان الجوار ويصبحون من الجوار ويستفيدون من الجوار، ويذهبون إلى أوروبا .
الذين دولهم ليست في برشلونة يأتون إلى دول إفريقية مشمولة ببرشلونة، ويستغلون هذا الإطار ويدخلون إلى أوروبا باسم برشلونة. أنت من أين قادم ؟ أنا قادم من الجزائر، ولماذا تأتي إلى أوروبا ؟ لأن الجزائر في برشلونة. أليست برشلونة تعني أوروبا والمتوسط ؟ إذن أنا من دول المتوسط تبع أوروبا، لماذا تمنعني من الهجرة ؟ أنا ذاهب لكي أعيش وأستفيد من برشلونة من الجوار الجديد؟!
حاجة أخرى اسمها الشراكة المتوسطية أو شيء من هذا القبيل، شراكة يعني معناها شركاء في كل شيء، شركاء في ماذا ؟ عندما تقولون شراكة، أنا فقير وأنت غني ، لازم أشاركك في الغنى وهذه هي الشراكة. ما معنى كلمة الشراكة المطروحة الآن على بلدان إفريقيا الشمالية مع أوروبا ؟ تريدون أن نشارككم وتشاركوننا، (خلاص) جيد تشاركوننا ونشارككم .
هذه شعارات لا يوجد أحد يعترض عليها، جميلة جدا، لكن كونها محرمة على واحد ومحللة لواحد، وأنها صممت لكي تعمل لغرض معين، هذا يدمر السياسة والتعاون الدولي، هذا غلط في السياسة الدولية .
تقول لي شراكة، ثم تقول لي لا تشاركني، ارجع من أين أتيت، ألم تقل لي إني أنا شريك ؟ القرارات التي تصدر من هنا، إذا كانت ستصدر بجدية، تلغى الشراكة ويلغى الجوار وتلغى برشلونة.. وتعاد التأشيرة.
من ضمن الأشياء التي سهلت التأشيرة: أولا “شنغن” هذه جعلت كل واحد يحاول كيف يصل إلى أقرب بلد أوروبي ، ومنها يتنفس الصعداء ويصبح تحت مظلة شنغن ويدخل أوروبا كلها .
أنتم ألغيتم التأشيرة وعملتم شنغن هذه، ثم تقولون: لماذا تدفق المهاجرون؟! أنت فتحت لهم الباب، رجّع التأشيرة، حتى الذي يهاجر يقول: أنا أريد أن أذهب إلى ألمانيا، كيف سأصل إلى ألمانيا، سابقا يقول أنا أجيء إلى فرنسا عن طريق البحر، وبعدها (خلاص) أصل إلى ألمانيا لأن الشنغن تسمح لي بهذا. لما يعرف أنك ألغيت الشنغن هذه يقول أنا حتى لو وصلت إلى فرنسا، ما الذي سيوصلني إلى ألمانيا، لا توجد تأشيرة وهناك حدود، هذه كانت عائقا لا تشجعه من بلاده من غانا أو من زيمبابوي أو من موزمبيق على الهجرة ، لكن الآن يتصور أن أوروبا سهلة، أول دولة من أوروبا تصل إليها، حاول أن تصلها بأي طريقة كانت ولو سباحة، ولما تصل إليها خلاص معناها أنك وصلت إلى أوروبا كلها .
حسنا هذا قرار مهم تعملونه للهجرة ، لا تعمل شنغن وبعد ذلك تقول لماذا التدفق… إلغِ الشنغن هذه، إلغِ التأشيرة . حتى ليبيا يجب أن ترجع التأشيرة الملغاة مع أي دولة عربية أو غير عربية. الآن أي عربي يدخل ليبيا بلا تأشيرة تقول: له إلى أين ذاهب؟ يقول إلى ليبيا، عندك حق بلد عربي ولا توجد تأشيرة وعضو في الجامعة العربية وليبيا دولة غنية فيها بترول، ذاهب لأعمل، أنا من دولة لا يوجد فيها بترول أو فقيرة أو عندها زحمة في السكان..الخ.. فقراء هذه معقولة هيّا ادخل .
لكنه ليس قادما إلى ليبيا، بل من ليبيا يذهب إلى أوروبا، وإذا عملنا إحصائية نجد 80 بالمائة من المهاجرين من ليبيا عرباً و 20 بالمائة من إفريقيا ، لأن التأشيرة ملغاة بين ليبيا وبين البلدان العربية ، ويقول أستغل إلغاء التأشيرة وأذهب إلى ليبيا .. من ليبيا تجد العصابات والمهربين والقوارب والسماسرة والتجار يوصلونك إلى أوروبا .
هذه موجودة وهناك تحقيقات في ليبيا، وتم اكتشاف أن هناك ضباطا في ليبيا يأخذون رشوة ويشتغلون في عمليات تهريب وعاملين مافيا وعصابات، والمافيات فيها من مصر ومن ليبيا ومن تونس والجزائر والمغرب والدول الإفريقية الأخرى والأوروبية، وتأتي سائحات من أوروبا يتزوجن من مصر ومن ليبيا ويجده أزواجهن مبررا حتى يدخلوا أوروبا، وتحايل ، تعرفون أنتم كل هذا التحايل، والذي يذهب بجواز سفر ولما يأتي للمطار يمزق جواز السفر ويضعه في دورة المياه ويبقى بلا جواز سفر لكي تتورطوا فيه وتقولوا لنتدبر أمره .
إلى جانب دعوات أخرى : حقوق الإنسان حق اللجوء حقوق المهاجرين ضد التمييز، ضد العنصرية، حرية الإنسان، شعارات كلها إنسانية جميلة وحتى ثورية ، لكن أنتم تقولون نحن نريد أن نكافح الهجرة وهذه عوامل شجعت الهجرة كلها، كافحوا هذه المسببات، ألغوها كلها، قل أول ما تصل إلى أوروبا أنت لاجئ ويقبلونك ويعملون لك معاشا… إذن هيّا بسرعة اذهب إلى أوروبا . حتى اللجوء أصبح معناه خربا، خربتموه، اللاجئ عنده تعريف، واللاجئ السياسي عنده تعريف .
ممكن واحد يكون مجرماً ويستطيع أن يضع على الورق أنه رئيس حزب ديمقراطي ويذهب إلى أوروبا ، يأتي إلى سويسرا أوإلى أي بلد يقول لهم: أنا لاجئ سياسي مضطهد في بلادي يقبلونه ويعملون له راتبا .
إذن “خلاص”، أين فلان المجرم، فلان ذلك المجرم يعيش لاجئا في سويسرا ومتمتعا وحالته جيدة، إذن نحن جميعاً يجب أن نعمل هكذا، كل مجرم كل حرامي وكل “استرايب دوغ” هيا اذهب حتى أنت اعمل أي ورق وقل أنا معارض في غانا. قالوا حقوق الإنسان والحرية، يقولون يا سلام نحن جميعاً مع الحرية ومع حقوق الإنسان… “خلاص” هذه شجعت أي واحد على أن يفعل ذلك .
من هو اللاجئ السياسي ؟ هو من يشتغل في السياسة : وزير، رئيس، ملك، نائب .. يعني في الصفوف السياسية حتى الذي يحمل جواز سفر دبلوماسياً .. أو حزب سياسي شرعي معترف به يمارس حقه في السلطة في البلد الذي هو فيه تعرض بسبب سياسي بحت للاضطهاد أو للقتل في بلاده، التجأ وهو مسالم إلى بلد آخر، هذا يُقبل كلاجئ سياسي، ولكن لا أن تقتل في بلدك وتغتال ثم يكتشفوك فتهرب وتأتي إلى أوروبا فيعتبرونك لاجئا سياسيا، هذه مهزلة . أنت لا يوجد عندك وضع سياسي إطلاقا في بلدك وتهرب وتقول أنا معارض اقبلوني كلاجئ سياسي، أنت “سترايب دوغ”، أنت لست سياسيا… كيف تستقبله وتقول لاجئ سياسي!! هذه جعلت كل واحد يتشجع حتى يعيش في أوروبا في النهاية، حتى يعمل ضد الملتقى ضد هذا التوجه .
أعيدوا النظر في أوروبا في: مَن هو اللاجئ السياسي فيها، لازم يعاد تعريفه، من هو اللاجئ السياسي؟ كل واحد يضحك عليكم تعتبرونه لاجئا سياسيا !! ابحثوا عن اللاجئين السياسيين الموجودين عندكم والذين تحولوا إلى إرهابيين. في أوروبا إما أن تؤمنوا بالشعارات التي تطرحونها وتقفلوا هذا الباب، أي النقاش حول الهجرة، وتقبلوا الهجرة مهما كانت حتى لو يأتيكم مائة مليون كل يوم، أو أن تقفلوا هذه الأبواب كلها التي تشجع على الهجرة وتعيدوا النظر فيها وفي سياستكم .
أما المعالجة الأمنية فهذه معالجة فاشلة… ليبيا عندها ستة آلاف كيلومتر من الحدود البرية لا تستطيع أن تمنع حتى تهريب المواد الغذائية الرخيصة جدا المدعومة في ليبيا إلى تشاد أو النيجر أو السودان أو إلى أي بلد مجاور .
لا نستطيع أن نحميها، كيف نستطيع أن نحميها ومهما عملنا ولو أحضرنا حتى الحلف الأطلسي، فلا يستطيع أن يحمي هذه الحدود.. هذا مستحيل..
إما أن تسلموا بالأمر الواقع، وأن هذه الهجرة هي ظاهرة طبيعية لها أسبابها التاريخية والنفسية والضرورية الآن المتعلقة بالمعيشة وحياة الناس .. أن نستسلم لهذه الظاهرة كما نستسلم لظاهرة تسونامي ونرتاح ولا داعي لهذا التعب وهذه اللقاءات ، أو أن تلغوا الأسباب التي أدت إلى الهجرة .
الأسباب الحديثة كلها معروفة، يجب أن تلغى كلها من التأشيرة إلى برشلونة إلى الأوروبي المتوسطي إلى الجوار إلى الشراكة إلى حقوق الإنسان وقبول اللجوء السياسي بهذه الطريقة والمهاجرين وحقوقهم وحقوق اللاجئين وما إليه، هذه كلها يعاد فيها النظر بحيث لا تشجع الهجرة . كل الموجود الآن يشجع الهجرة وأنتم تقومون به ومع ذلك تقولون لماذا الهجرة. الهجرة لأنكم تشجعونها… حيوان جائع في هذا المكان والعلفة في هذا المكان تبينها له تقول له هاهي موجودة هنا، ويأتي الحيوان يهجم على العلف.. وتقول أنت لماذا الحيوان يأتي إلى هنا .. لا بد أن يأتي هنا، كيف لا يأتي هنا وهو جائع وأنت وضعت العلف أمامه؟
أنتم عاملون كل ما يشجع الناس على الهجرة إلى أوروبا، وبعدها تقولون: لماذا الهجرة إلى أوروبا .. لماذا ؟ لأن برشلونة والأوروبي المتوسطى والاستعمار والنهب والجوار والتأشيرة وحقوق الإنسان وحقوق اللاجئين وحقوق لا أعرف ماذا ومنظمات المجتمع المدني وكل هذه (الهيصة) الموجودة، تعمل ضد منع الهجرة، يعني لمصلحة الهجرة ضد هذا المؤتمر.
حتى اللغة ساهمت في ذلك مادامت نيجيريا تتكلم الإنجليزية، كيف لا يذهب النيجيري إلى بريطانيا ؟! يذهب.. يذهب، لأنك أنت جعلته جزءا من بريطانيا، جعلته شعبا واحداً، لغة واحدة، ثقافة واحدة ، لماذا تمنعه؟!
غانا تتكلم الإنجليزية، لماذا لا يذهب الغاني إلى بريطانيا ؟! يذهب، لأنك استعمرته وقهرته وعلمته اللغة تريده أن يكون عبدا لك ، ولم تفكر بأنه في يوم ما سوف يستغل هذه ويخلق مشكلة، ويذهب إليك لأنه يتكلم بنفس لغتك، نفس الشيء يقولون لك نحن ناطقون بالفرنسية سنذهب إلى بلدنا إلى فرنسا، يستغرب لما يجد أمامه هذا المؤتمر ضد الهجرة .. يعني تمنعني أن أذهب إلى فرنسا وأنا فرنكفوني؟! فرنسا علمتنا اللغة الفرنسية، نحن لغة واحدة، نحن شعب واحد، نحن ثقافة واحدة .. ما هذا المؤتمر .. ألغِ المؤتمر، أنا ذاهب مباشرة إلى فرنسا .
هذه أشياء أنتم تعرفونها وتجحدونها، لا تريدون أن تعترفوا بها وأنتم تعرفونها، أو تجهلونها هذه مصيبة، في الحالتين مصيبة. حاجة أخرى أخطر من هذا تتعلق بالهجرة. تبين خريطة العالم الدول التي تخرج منها الهجرة والدول التي يذهب إليها المهاجرون على مستوى العالم .
بدأ الآن انفجار سكاني كبير في آسيا، وحمم هذا البركان ستسيل على قارات العالم، أينما يوجد فراغ سكاني ستتجه إليه هذه الموجات،
أنتم الآن تعالجون ظاهرة الهجرة من إفريقيا إلى أوروبا مثلا، لكن سنكون كلنا إفريقيا وأوروبا أمام تحدٍّ آخر وهو موجات من البشر المهاجرة مثل الجراد تأتي من آسيا بسبب الانفجار السكاني في الصين في المحيط الهندي في شرق آسيا، الخريطة هنا تبين هذا التحدي، خريطة العالم التي توضح هذا الانفجار.
هذه أيضا كيف ستعالجونها، ماذا ستقولون عنها ؟. أنتم مجتمعون بسبب أوروبا وإفريقيا والمهاجرين من إفريقيا إلى أوروبا، طيب هاهي جاءت (يأجوج ومأجوج).. من كل حدب ينسلون.. سيداهمون إفريقيا وأوروبا، وقد يجتازونها أيضا.
هذا ناقوس أدقه الآن للعالم بأن هناك تحدياً آخر خطيراً وهو الانفجار السكاني الذي سيحصل في آسيا ويداهم إفريقيا وأوروبا، كل واحد يسجله في مفكرته ربما يوجد من يكون قادرا على الشهادة بذلك .
خريطة أخرى تبين، رسم بياني يبين على مستوى العالم الأحداث الجارية الآن لرفع درجة الهجرة وهي التدخلات العسكرية الحالية مثلما حصل في الخليج والعراق وفي الشرق الأوسط وفي منطقة الأكراد من تركيا إلى غاية البلاد العربية إلى غاية إيران، مثلما يجري في القرن الإفريقي، والحروب الأهلية الموجودة في إفريقيا وفي بلدان أخرى توجد حرب أهلية في جنوب الفلبين، حرب أهلية في جنوب تايلاند، وتوجد حروب أهلية في روسيا ( الشيشان)، وتوجد حروب أهلية في البحيرات العظمى في وسط إفريقيا وفي ساحل العاج وفي القرن الإفريقي وفي تشاد والسودان .
وحتى هذه الحروب الأهلية من الذي وراءها ؟ وراءها نفس الأيادي التي صنعت الاستعمار وخربت العالم، قطاع خاص وشركات مستفيدة من الحرب، وصانعو الأسلحة.. تجار الأسلحة.
وفي أوروبا المخابرات الأوروبية مثلا تختار واحدا وتعلمه وتدربه وتعطيه أموالاً وتكلفه بدور لكي يخلق حربا قبلية، حربا حدودية، حربا أهلية، حربا عرقية، حربا دينية في جهة من الجهات، وتشتعل لكي يحصل تدخل دولي، وتجار الحروب يستفيدون، والذين يصنعون السلاح يستفيدون ويكونون هم وراء هذه الخطة هذه المؤامرة.
والذين يرسلون قوات القبعات الزرقاء سيستفيدون، وحتى الأمم المتحدة تستفيد وتحصل على أموال، انظر التجارة !! حتى الأمم المتحدة تتاجر في الحرب، إذا حصلت حرب يبعثون 70 ألف جندي لحفظ السلام، وهذه تحتاج إلى أموال، الأموال يعطونها الأمم المتحدة، الأمم المتحدة تنفق منها 50 .. هذه تكلف مثلا 10 مليارات ، تأتي الأمم المتحدة وتصرف 6 مليارات وتأخذ 4 مليارات في جيبها، حتى الأمم المتحدة أصبحت سمسارا.
على أي حال في النهاية لكي لا يكون هناك أي لبس، لا يُفهم من كلامي هذا أني أريد أن أحبط عزيمتكم أو أني أعترض على إجراءات مكافحة الهجرة… أبداً، أنا معكم، وفي نفس الوقت أنا أتمنى أن توقف الهجرة، لأن ليبيا إحدى البلدان المتضررة جداً من الهجرة التي سببت لنا استنزافا، يعني نحن عندنا شعب آخر أو شعبان أو ثلاثة غير شعبنا، نمولهم ونطعمهم ونشربهم ونسكنهم ومواصلات ويشاركوننا في كل الحاجات الرخيصة المدعومة من الميزانية الليبية، ونتمنى أن تنجحوا في إيجاد وسيلة لحل هذه المشكلة.
والدليل على أني مخلص في ذلك، وأني معكم هو أنني أمطت اللثام وجعلت الحقيقة عارية أمامكم لكي تهتدوا للحل… عندما يكون هناك مريض يحتاج إلى عملية جراحية ونعطيه مسكنات، نحن بهذا نخدعه… هذا عمل سطحي، عمل يقوم به جاهل.
المخلص لهذا المريض ولمهنته والطب يقول له: أنت تحتاج إلى عملية جراحية، لازم أن نعريك من ملابسك وأن نصورك وأن نعمل لك عملية جراحية، وليس مسكنات .
فأنا الذي أطرحه أمامكم هو أن نعري الحقيقة..ممكن الأرض ملك للجميع، وممكن سكان القارات كلهم كانوا مهاجرين أصلا، تؤخذ هذه في الاعتبار… ومرحلة الرق والعبودية ومرحلة الاستعمار ونهب الثروات، والحروب العالمية الأولى والثانية التي حصدت ملايين الرجال وشجعت الهجرة إلى أوروبا وغيرها هي سبب هذه الحروب ؟ ولماذا قامت هذه الحروب ؟ .
الاستعمار هو الذي خلق اللغة والاندماج وأقنع الناس بأن الأفارقة والأوروبيين أناس مع بعضهم وأنهم شعوب واحدة وأنهم قارة واحدة، لا تعرف الناس أنهم قارتان أبدا، لأنه يقول الكونغو البلجيكية وليبيا الإيطالية والسودان الفرنسي والسودان الإنجليزي والجزائر الفرنسية .. كلهم قالوا خدعناهم، ما دامت هذه ملامح الإنجليز والفرنسيس والبلجيك، لماذا لا نذهب إلى الأم ؟
زيادة على ذلك نقول: إن الأشياء الموجودة الآن وهي إلغاء التأشيرة وبرشلونة والجوار والتعاون الأوروبي المتوسطي والشراكة ودعوات حقوق الإنسان واللاجئين ، هذه كلها سهلت الهجرة ، وقد وضعتها أمامكم لكي تساعدكم، وإذا كنتم تريدون أن تحلوا المشكلة فحلوها من منطلق هذه الحقائق .
أتمنى لكم التوفيق .. والسلام عليكم.