التعقل قبل الوصول إلى القطب الشمالي

2010.11.18

التعقل قبل الوصول إلى القطب الشمالي … كفوُّا أيديكم عن القطب الشمالي

الذي يهمني في التصدِّي لهذا التحدِّي الجديد هو السلام العالمي و أمن الشعوب ، تماما كما اهتممت بالتصدّي لمشاكل عالمية أخرى لنفس الغرض و هو مساهمتي قدر استطاعتي في حفظ السلام و الأمن الدوليين، و تنبيه العالم من لاعبيه إلى شعوبه و مفكريه لخطورة هذه القضايا.

الآن القطب الشمالي : لقد قض مضاجع دعاة السلام في العالم، وازعجت الشعوب تلك التصريحات المهمة التي قالت: إن الحرب الباردة عادت من جديد في القطب الشمالي أبرد مكانٍ في العالم ، و الأسوأ هو أن تتحول إلى حرب ساخنة، وهو احتمال وارد؛ لأن هذه المشكلة مختلفة عن كل المشاكل السابقة التي جعلت الحرب باردة؛ حيث إن تلك المشاكل كانت إيديولوجية و سياسية، و ليست جغرافية.  المشكل الوحيد تقريبا أيام الحرب الباردة الذي اتسم
بالخطورة وكاد يؤدي إلى حرب ساخنة هو مشكلة ( خليج الخنازير) و ذلك لأنها جغرافية أكثر منها أيديولوجية أو سياسية.

القطب الشمالي مشكلة جغرافية، و ليست إيديولوجية أو سياسية، و عليه فهي مرشحة لو ظهرت إلى الوجود عملياً لأن تكون حرباً ساخنة . هناك أربع دولٍ حتّى الآن قد تتنازع ، بل بدأت تعبّر عن ذلك و هي أميركا و روسيا و كندا و الدنمرك كل منها تدعي أن لها حصة في القطب الشمالي و تسعى للظفر بها. 

إن الأفكار التي تطرحها الدول المواجهة للقطب الشمالي مخيفة للغاية، إنهم يتكلمون عن شراكة في المجال الاقتصادي في القطب الشمالي ، وإنه سيقع تصادم بين الدول المذكورة ومنه الكلام عن تصادم المصالح الاقتصادية و الجغرافية و السياسية، و الحديث عن استخدامالتكنولوجيا الذكية ، و عن إقامة محميات وطنية، و عن استصلاح أراضي القطب الشمالي، و الحديث عن وجود البترول و الماس و الثروات في القطب الشمالي ، و كذلك التفكير في شق طرق بحرية عبر القطب الشمالي والادعاء بوجود حقوق قطرية لهذه الدول في القطب الشمالي ، و الطمع في ثروات القطب الشمالي، و هي مطامع وهمية إلى حد الآن، ثم حشد التكنولوجيا الحديثة و تكثيف النشاط البشري في القطب الشمالي … هذه مؤشرات خطرة للغاية تنذر بوقوع تصادم و بجعل الكارثة الكونية محتومة.

إن العلماء يؤكدون أن النشاط البشري كان سببا في انبعاث الغازات الدفيئة التي أدت إلى ذوبان جليد القطب الشمالي ، فكيف  لو انتقل النشاط البشري إلى القطب الشمالي ذاته ، إلى قلب القارة القطبية، فعندئذ سيزيد الأمر سوءا بزيادة درجة الاحتباس الحراري و انكماش الجليد بشكل أسرع ، هذا سيؤدي إلى خلل في طقس القطب الشمالي ،
و ستزيد العواصف والأعاصير ، و سيرتفع مستوى سطح البحار و المحيطات عدة أمتار ، و هذا سيترتب عليه تغيير في البيئة البحرية و سيؤثر هذا في الثروة البحرية ، وسيحدث خللا خطرا في الغلاف الجوي في القطب الشمالي، و ذوبان الجليد فيه بسبب النشاط البشري، كما ستترتب عليه فيضانات على جميع المناطق المنخفضة و المدن الساحلية في العالم ، و يترتب أيضا على ذلك إطلاق غاز الميثان الموجود في جليد القطب الشمالي.

على دول العالم بما فيها الدول الأربع المدعية أن تفهم أن القطب الشمالي هو قطب الكرة الأرضية كلها و ليس أي مكان آخر في العالم… يجب التفكير ألف مرة قبل محاولة الإقدام على أي عمل يمس قطبنا الشمالي ، إنه قطبنا نحن سكان الأرض ، و ليس قطب أميركا و لا روسيا و لا كندا و لا الدنمرك . ألا تدركون أن الطمع في مكاسب قد تكون وهمية لأربع من الدول قد تقود إلى كارثة كونية؟!

ليفهم الجميع  أن القطب الشمالي ليس ملكاً لأحد ، بل ملك لكل شعوب الأرض و لكل القارات ، و أن العبث بطبيعة القطب الشمالي بسبب المطامع المذكورة ستترتب عليه كارثة تؤثر في الكرة الأرضية كلها ، و إذا استمر هذا البرنامج و تحقّقت النتائج المخيفة التي تنبأ بها العلماء قد يؤثر حتّى في توازن الكرة  الأرضية، الأمر الذي تغطيه المطامع و نزعة التوسع والاستعمار عن أعين الدول ، فالدائرة القطبية يجب أن تكون محرّمة على الجميع و ليس لأحد الحق فيها ، أما الدول المواجهة للدائرة القطبية فلها أن تستغل منطقتها الاقتصادية  البحرية التي هي في حدود مائتي ميل بشرط أن تكون هذه المائتا ميل خارج الدائرة القطبية … أيّ تفكير أبعد من هذه الحدود يجب إيقافه بكل ما يملك العالم من قوّة لأن مسّ الدائرة القطبية سيؤدي إلى كارثة كونية.

أيها السادة ، فكّروا ألف مرة أخرى قبل الخوض في التنافس أو ربما التنازع على حقوق مُدّعاة في قطب الكرة الأرضية و ليس أي مكان لهذه الكرة الوحيدة… إن الدائرة القطبية مشاع عالمي  يجب المحافظة عليها دون مساس إلى الأبد، و يجب اعتبارها محمية عالمية ، و إسقاط أي تفكير أو محاولة اقتصادية أو سياسية أو أمنية للمساس بها.